عندما بقي النبي صلى الله عليه وسلم الركب قال: (من القوم؟) الذي بدأ بالسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من واجب ولي الأمر، أنه إذا لقي قوماً أن يتعرف عليهم: من أي الجماعات هم؟ وأين وجهتهم؟ مع أنه من المعلوم أنهم ذاهبون للحج؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج إلى الحج، وقبل مجيء أشهر الحج بعث رجالاًَ إلى القبائل في الجزيرة أني حاج هذه السنة، فمن أراد أن يحج معي فليوافني، وكل وافاه بحسبه، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من وافاه بالطريق، ومنهم من وافاه بمكة، كل على حسب موقعه.
فهؤلاء قوم وافاهم في الطريق، فسألهم (من القوم؟) ، لكنهم لم يجيبوا مباشرة، وإنما تعرفوا أولاً على السائل مَنْ هو، وهذا من دهاء العرب ويقظتهم، وفي هذا احتياط لهم، وما أنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أقرهم على ذلك، مع أنهم لم يجيبوه، وإنما سألوه هو: ومن أنت؟ فأجابهم: أنا رسول الله.
إذاً: هم عرفوه، وقد يكون حصل بينهم وبينه جوار بعد ذلك، وليس هذا ما يهمنا في هذا المقام، فيكفي أن الفريقين تعارفا بالإسلام، وأنهم جميعاً مسلمون والحمد لله، يعني: ما هم أعداء.