الحجامة معروفة من القدم أنها من أنواع العلاج، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم الحث عليها، حتى جاء عند أبي داود أن جبريل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالحجامة، وهناك: (لو أن دواء يصل الداء لوصلته الحجامة) ، وهناك: (احتجموا لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم) .
والحجامة من الناحية الطبية يتكلمون عنها من حيث الزمن، ومن حيث الشخص الحاجم والمحجوم، أما من حيث الزمن فإنهم يستحبونها أن تكون في ساعات النهار ما بين الثانية والثالثة بالتوقيت الغروبي -يعني: عند الضحى-، وأما في أيام الأسبوع فيكرهونها يوم الأربعاء ويوم السبت، وأما من حيث الشهر فإنهم يكرهونها في أول الشهر وفي آخره، ويمتدحونها من منتصف الشهر فما بعده، وينصون على السابع عشر والتاسع عشر والواحد والعشرين، ومن العجب أن الفقهاء فطنوا إلى مسألة عجيبة جداً! وهي: أن الحجامة في السابع عشر والتاسع عشر تكون عند هيجان الدم، وينص الفقهاء على أن هذا الوقت هو بتأثير اكتمال ضوء القمر، وهو الذي يعبر عنه الآخرون بالمد والجزر؛ لأن المد والجزر في البحار أشد ما يكون عند اكتمال ضوء القمر في ليلة الرابع والخامس والسادس عشر، ومن هنا قال بعض العلماء الحكماء: إن من حكمة صوم الثلاثة الأيام البيض من كل شهر: اليوم الثالث والرابع، والخامس عشر؛ لأنها تصادف شدة مد الدم في الجسم، والصوم يخفف ويلطف ذلك؛ لئلا يؤثر على الإنسان أكثر، وقالوا: إن الإنسان بحر دم، فكما أن البحر يتأثر مداً وجزراً باكتمال ضوء القمر فكذلك الدم في الإنسان في تلك الآونة تشتد حركته على صاحبه، فإذا صام خفف من هذه الآثار ومن تلك الإثارة.
إذاً: الحجامة من جهة الطب ومن جهة المداواة يختار لها زمن، ثم من حيث المواضع في الجسم يحدده المختص في ذلك، سواء في نقرة القفا، أو على الركبة، أو في الفخذ، أو.
إلخ، بحسب الحاجة التي دعت إلى استعمال الحجامة.
وينبهون على أن من لم يحتجم قبل الأربعين لا يحتجم بعدها؛ لأنه لا يتحمل ذلك، ويفرقون بين الحجامة والفصد في العلاج بأن الحجامة علاج للدم في خارج الجسم -أي: الجلد وتحته-، والفصد علاج لداخل الجسم كما هو في الأعضاء الداخلية كالكبد والمعدة والكليتين وغير ذلك.
هذا ما يتعلق بالحجامة، وكان استعمالها سابقاً بكثرة، وأما الآن فتكاد تكون قد تلاشت بالكلية.