انتهى المؤلف رحمه الله من مبحث التيامن.
وبقي مبحث الموالاة والترتيب، والترتيب بين أعضاء الوضوء هو كما جاء النص الكريم في الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] فهذا ترتيب أعضاء الوضوء الذي ورد في القرآن الكريم.
والموالاة يستدل لها بقصة الرجل الذي رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في قدمه لمعة مثل الظفر فقال: (اذهب فأحسن وضوءك) فما قال: اغسل هذه فقط.
وقضية الموالاة بين الأعضاء معناها أنه لو قطع الوضوء عند غسل اليدين واشتغل بشيء ما، أو انتهى الماء عنده، أو جاء طارئ وتبعه وترك الوضوء من أجله حتى جف الماء عن اليدين، وأراد أن يكمل الوضوء، فهل يبني على ما مضى، أو أنه قد فات زمن يكون قد انقطع عما تقدم؟ فبعض العلماء يقول: إن طالت الفرقة أو الفصل بين أعضاء الوضوء استأنف من جديد، وإن لم يطُل الفصل بنى على ما تقدم.
وقالوا: مقياس الفصل طويلاً كان أو قصيراً هو جفاف العضو الأخير الذي غسله وكفَّ عن تتمة الوضوء، كأن يكون غسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم سمع منادياً فذهب وطال اشتغاله مع هذا المنادي، ثم رجع إلى وضوئه فإذا يداه جافتان كأنهما لم يمسا بماءً، قالوا: انفصل ما قبله عما بعده فيستأنف وضوءاً جديداً، أما إذا عاد إلى الوضوء ولم تزل بقايا البلل أو الماء على بعض أجزاء من يده الأخيرة -وهي اليسرى- فإنه يكمل ويبني على ما تقدم.
وموضوع الموالاة سيأتي له النص في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون الحديث عنده إن شاء الله.