قال المصنف رحمه الله: [وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله! أعطيت بني المطلب من خمس خيبر، وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحد) رواه البخاري] .
تقدم في الحديث الذي قبل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لا تحل لمحمدٍ ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس) ، ثم جاء المصنف رحمه الله بهذا الحديث ليبين من هم آل محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وآل الرجل هم أقاربه من العصبة، فيقول: (ذهب جبير بن مطعم وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالا: يا رسول الله! أعطيت بني المطلب ولم تعطنا ونحن وإياهم سواء) ، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحد وذلك أن) جبير بن مطعم وعثمان بن عفان يلتقيان مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف،فـ عثمان، هو عثمان بن عفان بن عبد شمس بن عبد مناف، وكذلك جبير بن مطعم، فنسب عثمان يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد عبد مناف، ولكن هاشم أقرب من عبد مناف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وبنو المطلب وبنو هاشم لم يفترقوا، بل هم شيءٌ واحد، فقد جاء في بعض الروايات: (لم نفترق في جاهلية ولا إسلام) ، وقد بيَّن أصحاب النسب والسيرة أنه لما كتبت الصحيفة الظالمة بمقاطعة بني هاشم انضم بنو المطلب معهم ودخلوا الشعب، سواء من كان مسلماً ومن كان غير مسلم، ولم يخرج عن ذلك إلا أبو لهب لما كان منه من عداوةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يشترك معه في جده عبد المطلب، وهكذا العباس وحمزة وأبو طالب، يشتركون مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد عبد المطلب.
ثم جاء لـ أبي طالب علي وجعفر وعقيل، وجاء للعباس عدة أبناء، فـ العباس رضي الله تعالى عنه عم رسول الله، وحمزة رضي الله تعالى عنه عم رسول الله، وكذلك أبو لهب عمه، ولكنه لم يسلم ولم يكن له شيءٌ من الفيء أو من خمس الخمس، وليس ممن تحرم عليهم الصدقة.
وقيل: إن أبناء أبي لهب منهم من أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم وشهد خيبر، وقيل: إنهم أسلموا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أسلم من أولاد أبي لهب فيدخل في آل البيت نسباً، وأما من لم يسلم فإن الإسلام قد فرق بينهم.
إذاً: من ثبت أنه يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في هاشم أو في عبد المطلب؛ فإنهم يكونون سواء وتحرم عليهم الصدقة، هذا الذي أراده المصنف رحمه الله في إيراد حديث جبير بن مطعم.
وقد سبق أن قدَّمنا أن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لهم خمس الخمس، فكان يغنيهم عن الصدقة، وأشرنا إلى أن هناك من قال: إنهم إذا انقطع عنهم ما كان لهم من خمس الخمس؛ فإنه لم يبق لهم واردات، فيأخذون كما يأخذ عامة الناس لوجود وصف الحاجة فيهم.