وهنا حثهم النبي عليه الصلاة والسلام على الصدقة، فقال رجل: عندي دينار، قال: (أنفقه على نفسك) ، فأول ما يبدأ الإنسان بنفسه؛ لأنه ألزم ما يكون عليه نفسه، فهل تتصدق بقرص خبز ليس معك غيره فيقتلك الجوع؟! لا يجوز هذا، إنما تبدأ بنفسك، وما زاد عن حاجتك تفيض به على غيرك الذي يليك في المرتبة.
جاء في الحديث: (أنه مر رجل شاب على قومٍ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أحدهم: لو كان جلد هذا وشبابه هذا في سبيل الله! فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن كان خرج على نفسه يعفها، فهو في سبيل الله) ؛ لأنك تعمل وتعف نفسك عن سؤال الناس، فهذه صدقة على نفسك تصدقت بها.
قال: (وإن كان خرج يتكسب ليعف أهله أو زوجه، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج بطراً ورئاءً فهو في سبيل الشيطان) .
وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول: (من بات كالًّا من عمل يده) مثل إنسان يعمل في النهار في البناء بحجر وطين، أو في حصاد حب، أو في تأبير نخل، أو في أيّ عمل مثل: نجارة، حدادة، زراعة، صناعة، وبات كالاً من العمل (بات مغفوراً له) .