الأصل أن الركاز لمن وجده واستخرجه

إذا جاء إنسان وكان يعمل في أرض فوجد فيها مالاً مركوزاً، أي: مدفوناً، سواء كان هذا المال ذهباً أو فضة، أو كان جوهراً، أو شيئاً له قيمة، فيقولون باتفاق: إن وجده في ملكه فلا نزاع في شيء، فإنه يؤخذ منه الخمس ويترك له الأربعة الأخماس ملكاً له.

وإذا كان يعمل في أرض بيضاء ليست ملكاً له ولا لغيره فوجده فكذلك؛ لأن الأرض التي وجد فيها هذا الركاز ليست مملوكة لأحد.

أما إذا عمل في أرض مملوكة للغير فوجد فيها هذا الركاز، فهل يا ترى هذا الركاز للعامل الذي وجده أو لصاحب الأرض؟ فالأكثرون على أنه للذي وجده، وصاحب الأرض لا يعلم عنه شيئاً، فإذا وجد إنسان ركازاً في أي نوع من أنواع الأراضي، فبعضهم يقول: هو لواجده، حتى قالوا: لو أن إنساناً استأجر أجيراً يحفر له بئراً في أرضه فعثر الأجير على ركاز، فإن هذا الركاز للأجير؛ لأنه هو الذي وجده.

والآخرون يقولون: هو لصاحب الأرض؛ لأنه يملك الأرض وما فيها.

وبعضهم يقول: إن استأجره لحفر بئر فوجد ركازاً فهو للأجير، وإن استأجره للبحث عن ركاز فوجد الركاز فهو لصاحب الأرض بلا خلاف؛ لأنه يكون قد استأجره لعمل مباح له كما لو استأجره في أن يحتطب، فإنه يكون الحطب أو الماء لمن استأجره، وليس للأجير إلا أجرة يده.

إذاً: الركاز مأخوذ من ركزت الرمح إذا غرزته في الأرض وهو يكون من المعدن ولا يحتاج إلى عمل يستخرجه منه كما سيأتي في موضوع المعادن.

فإذا وجد إنسان معدناً ذهباً أو فضة أو ما له قيمة كجواهر ويواقيت مدفونة، فتسمى: مركوزة، فما حكم هذا الذي وجده الإنسان؟ إن كان وجده في ملكه فلا نزاع في ذلك، وعليه أن يؤدي الخمس، وإن كان وجده في مكان ليس ملكاً لأحد فهو كذلك؛ لأنه ليس هناك من يدعيه ملكاً له في أرضه، فهو لواجده، فعلى هذا: يعطيه الإمام الخمس ويرد عليه الأربعة الأخماس، وجاء في ذلك آثار عن علي رضي الله تعالى عنه: عن رجل وجد ألف دينار فأخذ منها مائتي دينار وأعطاه الباقي، وعن عمر أيضاً رضي الله تعالى عنه أنه أخذ الخمس ورد إليه الباقي.

وعلى هذا يتفق الجميع على أن الركاز فيه الخمس.

واختلفوا فيمن وجد هذا الركاز إذا كان ذمياً، هل يملكه أم لا؟ فقالوا: إنه يمتلكه.

وكذلك العبد إذا وجد الركاز هل يمتلكه أو يكون لسيده (العبد وما ملكت يده لسيده) .

وعلى هذا فحكم الركاز الذي يجده الإنسان مدفوناً في الأرض من جواهر ومعادن نفيسة كالذهب والفضة، فإن هذا لواجده ما لم يكن أجيراً للحفر عن ركاز.

ومما فيه خلاف: من وجده في أرض الغير، واحتفر فيها حفراً مباحاً فوجد ذلك الكنز، فإنه أيضاً يملكه على خلاف فيما إذا كان يملكه هذا الواجد؟ أو يعود ملكاً لصاحب الأرض.

وكذلك يذكرون فيما لو استأجر إنسان داراً ثم أخذ يصلح فيها فوجد ركازاً، هل يكون هذا الركاز الذي وجده المستأجر للمستأجر الواجد أو يكون لصاحب الدار؟ يذكرون عن أحمد روايتين، وكذلك عن الشافعي، ويختلفون لأن صاحب الدار لا يعلم عنه، وليس هو الذي ركزه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015