الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [وعن أم سلمة رضي الله عنها: (أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله! أكنز هو؟ قال: إذا أديتِ زكاته فليس بكنز) رواه أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم] .
فمفهوم: (إذا أديتِ زكاته فليس بكنز) أن ما لم يؤد زكاته فهو كنز، ولما سئل ابن عباس رضي الله تعالى عنه -وهو من الذين يقولون بزكاة الحلي المستعمل-: (ما هو الكنز يا ابن عباس؟! قال: ما لم يؤد زكاته ولو على وجه الأرض، وما أديت زكاته فليس بكنزٍ ولو كان مدفوناً تحت الأرض) .
إذاً الكنز في اللغة: المكنوز الموجود دفيناً في الأرض.
وفي الشرع: ما أديت زكاته فليس بكنز، وما لم تؤد زكاته فهو كنز.
قال المصنف رحمه الله: [وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع) رواه أبو داود، وإسناده لين] .
بعدما أنهى المصنف رحمه الله تعالى بيان زكاة الأموال الزكوية المجمع عليها جاء بهذا النوع من أنواع الأموال الزكوية، وإن كان انتهى الخلاف فيها، وصار الأمر فيها إلى الإجماع، لكنه أخرها تبعاً لما قبلها، وتقدم البيان في زكاة بهيمة الأنعام، وفي الذهب والفضة، وفيما تنبته الأرض من حبوب وثمار، على ما فيه خلاف واتفاق.
وهنا ما يسمى عند الجمهور بزكاة عروض التجارة، فيأتي المؤلف رحمه الله بهذا الحديث عن سمرة بن جندب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) والذي يعد للبيع هو عروض التجارة، وفرق بين ما يكتسبه الإنسان ويقتنيه لشخصه، وبين ما يقتنيه ليتاجر فيه وينتظر الربح، وعروض التجارة كان يوجد فيها خلاف سابق، وقد انتهى الخلاف وحكى ابن المنذر الإجماع على وجوب الزكاة فيها.