بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فيقول المصنف رحمه الله: [وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم ديناراً أو عدله معافرياً) رواه الخمسة، واللفظ لـ أحمد، وحسنه الترمذي وأشار إلى اختلاف في وصله، وصححه ابن حبان والحاكم] .
انتقل المؤلف رحمه الله تعالى بعد بيان أنصباء الإبل والغنم والفضة إلى زكاة البقر، وهذا الحديث الذي ناقش المؤلف سنده في وصله وفي انقطاعه ذكره البخاري رحمه الله تعالى تعليقاً بصيغة الجزم، وذكر البخاري إياه يغني عن مناقشة السند.
إذاً: الحديث في زكاة البقر ثابت؛ لأن بعض المتأخرين إنما يطعن في زكاة البقر، وقد جاء في الحديث الصحيح الذي لا مطعن فيه: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر، وجيء بها أوفر ما تكون وأسمن، فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها، كلما مر عليه أخراها أعيد عليه أولاها حتى يقضى بين الناس، فيرى مصيره إما إلى جنة وإما إلى نار) وهذا الحديث يرويه البخاري في صحيحه.
إذاً زكاة البقر ثبتت بالنصوص، سواء هذا النص الذي معنا عن معاذ رضي الله تعالى عنه، أو النصوص الأخرى التي ساقها البخاري رحمه الله.
أما في نصابها وما يؤخذ منها فلم يقع في ذلك اختلاف إلا ما روي عن بعض الأحناف، حيث جعلوها كالإبل في كل خمس شاة، ولكن الجمهور على هذا الحديث وأن من امتلك البقر ففي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة.
والتبيع: الذي يتبع أمه، والتبيعة كذلك في سنه، أي: ذكراً كان أو أنثى في هذه السنة، فهو يجزئ في الثلاثين رأساً من البقر.
وفي كل أربعين مسنة، وإلى هذا ينتهي نصاب البقر.
بين الأربعين والخمسين من البقر عشرة رءوس، فهل فيها زكاة؟ والجواب: أن هذا وقص، كما بين الخمس والخمس من الإبل، فالخمس من الإبل فيها شاة واحدة، وهي للخمس الأولى، فإذا كملت عشر من الإبل ففيها شاتان، إلى اثني عشر وأربعة عشر من الإبل وليس فيها إلا الشاتان.
إذاً: ما بين النصاب والنصاب في الإبل والغنم والبقر وقص لا حصة للزكاة فيه.