ثم بدأ يبين ماذا يأخذ العامل، قال: (ولا تؤخذ في الصدقة الهرمة) ، الهرمة بمعنى: العجوزة؛ لأنها غالباً تكون عجفاء ليس فيها شيء، وهي على وشك الموت.
(ولا ذات عوار) من عور العينين، (أو معيبة) لأن العيب عوار في السلعة، فأي شاة بها عيب فإنها لا تؤخذ في الصدقة؛ لأنه نقص على المساكين، والعوار بمعنى العيب فهو يتفاوت، وبعضهم يقول: العوراء هي الفاقدة إحدى عينيها.
وهذه عند الأصوليين فيها نزاع، فعندما يقال في الأضحية: يجب أن تكون الأضحية سليمة من العور فمن الأصوليين من يقول: هذه معيبة لا تصلح أضحية، وكذلك لا تؤخذ في الزكاة، ومنهم من يقول: العوراء هي التي لا تسرح مع الغنم، ولكن تبقى في البيت، وإذا انفردت في البيت عني بها، وجيء لها بعلف يكفيها وزيادة؛ لأنها أصبحت محل عناية من مالكيها، فلربما تكون أسمن من ذات العينين التي تسرح مع بقية الغنم، ولكن الجمهور على أن العور عيب فلا تؤخذ صاحبة العوار في زكاة الغنم.
ويقاس على ذات العور وعلى الهرمة أي عيب في الشاة ينقص من قيمتها، سواء كان في هيكلها أو في لحمها، فإذا كانت مريضة فلا ينبغي أن يأخذها، وإذا كانت مكسورة لا يأخذها، وعلى هذا فكل شاة معيبة في الغنم لا تصح.
وكيف يأخذ؟ قد تقدم لنا ذلك في حديث معاذ: (وإياك وكرائم أموالهم) ، فالعامل لا يجوز له أن يصطفي كرائم الغنم ويأخذها، ولا أن يقبل من صاحب الغنم أهونها، إنما يقولون: تقسم الغنم ثلاثة أقسام: خيار، وعوار، ووسط، فيأخذ من الوسط، والعامل مؤتمن فلا يجوز له أن يظلم صاحب الغنم بأخذ خيارها، ولا يجوز أن يغش المساكين فيأخذ الضعيف فيها، إنما يأخذ الوسط.
قوله: (ولا تيس إلا أن يشاء المصدق) .
التيس في الغنم هو الذي يعلوها ويطرقها؛ لأن الغنم في حاجة إليه، فيأتي المصدق ويأخذ التيس ويترك الغنم بلا تيس وهذه مضرة، ولا يجوز إخراج التيس في الصدقة إلا أن يشاء المصدِّق، أي: صاحب الغنم؛ لأنه قد يكون معه غيره، أو المصدق هو العامل الذي يأخذ الصدقة؛ لأن التيس -أحياناً- لا يساوي الشاة، والعنز خير منه لأنها تنتج، إلا إذا جاء العامل وجمع غنماً كثيراً وسيسوقها ويحتاج إلى تيوس فيها، فيأخذه منه من أجل مصلحة ما بيده من الماعز.