قوله: (فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه) .
أي: حتى تصل إلى الثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاةٍ شاةٌ.
ونحن نجمل الجميع لنرى أن تلك الأنصباء في الأموال ليست عفوية، وإنما وضعت بدقة وحكمة، وإذا عرضت على شخص يعتبر من كبار المحاسبين فهنا تتضح الحكمة والرحمة: فالشاة فرضت أولاً في أربعين، فلما كثرت الأغنام فوق الثلاثمائة وصارت أربعمائة أو خمسمائة فالشاة التي كانت تفرض في أربعين تجزئ عن مائة، إذاً: نسبة الزكاة في الغنم تنزل ولا تتصاعد؛ لأن التي كانت تجزئ في الأربعين أصبحت تجزئ في المائة.
وقد يتساءل الإنسان هنا: لماذا هذا التنازل؟ مع أننا أشرنا في السابق أن نظام الضرائب يتصاعد، فالمائة الأولى متروكة لصاحبها لأنها قليل، المائة الثانية مثلاً عليها (5%) ، وفي المائة الثالثة (10%) ، وهكذا حتى تصل نسبة الضريبة إلى (100%) من الربح، أي: أنها تتصاعد، فكلما زاد الربح زادت الضريبة، وهنا كلما زادت الغنم نقصت نسبة ما يؤخذ منها، وهذا إرفاق من الشارع بصاحب المال.
هنا قد يقول الإنسان: ما موجب هذا التنازل؟ والجواب: لأن صاحب الأربعين شاة يحاجي عليها ويحافظ بقدر المستطاع، لكن صاحب المائتين والثلاثمائة أصبح في الحي رفيع العماد، وطويل النجاد، وأصبح سيد الحي، وسيد الحي مطروق، وكلما طرقه طارق ذبح له شاة إذاً: صارت عليه تبعات أكثر من صاحب الأربعين، فكلما زاد المال كثرت التبعات عليه، فخفف من جانب الزكاة، وهذا لا يوجد في نظام الضرائب.