عبد الله بن عبد الله صحابي جليل، وكان من أبر الأبناء بآبائهم -على نفاق أبيه- وكان براً بأبويه، لما حصلت هذه المقالة -وهي ليست بهينة- حينما وصلوا إلى المدينة جاء عبد الله ابن رئيس المنافقين ووقف على باب المدينة، واستلَّ السيف حتى وصل أبوه، فمسك بزمام راحلته وقال: [والله لا تدخلنَّها حتى يأذن لك رسول الله، وتعلم أنك أنت الأذل وأن العزة لله ولرسوله] من الذي وقف لهذا المنافق؟ ولده.
بلغ الخبر رسول الله أن عبد الله منع أباه أن يدخل، قال (مروه فليأذن له فليدخل) فدخل بإذن من رسول الله، وهذه تكفي، ملك الأمس يرده ولده حتى يعلم أنه الأذل وأن العزة لغيره، لمن؟ {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8] .
بعد فترة -وأنتم تعلمون أن مثل هذا ليس بسهل، ولا يمر بسلام، بل لا بد أن تكون له بقايا- أشيع -والشائعات دائماً تزيد المسألة قليلاً- أشيع بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيقتل ابن أبي لمقالته، هذه الإشاعة بلغت عبد الله ولده، ماذا يفعل، وهو أبر الناس بأبيه، أبوه يقتل غداًَ أيمنع أمر رسول الله أم ماذا يصنع؟ أمر محرج له جداً!! فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (يا رسول الله! بلغني -أو علمت، أو سمعت- أنك قاتل ابن أبي -لم يقل: أبي، حتى لا يقول أنه جاء يستعطف، من هو ابن أبي؟ - إن كنت فاعلاً لا محالة -يعني لست عافياً عنه- مرني أنا آتيك برأسه -قتل أبيه مصيبة، وأن يكون بيده مصيبة أكبر، فماذا فعل رسول الله إزاء هذه الشائعات- قال: لا يا عبد الله! دعه) وتركه ولم يقتله، هذا الولد مع أبيه في موقفه في منعه من دخول المدينة حتى يقر ويعرف، يعني: حطم التاج الموهوم الذي كان يتخيله في ذهنه، وأوقفه على باب المدينة، ثم بعد ذلك هاهو مستعد بأن ينفذ أمر القتل لو صدر، أي مكافأة تكون لهذا الابن لو فعل ذلك؟ ماذا تقولون أينصب ملكاً بدلاً عن أبيه؟ لم يعد هناك ملك، الأمر لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، هنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يراعي خاطر عبد الله في أبيه، أما أبوه فهو الذي رجع بثلث الجيش في غزوة أحد.