يقول بعض الناس بعد الدفن: يا فلان ابن فلان! اذكر ما كنت عليه عندنا في الدنيا من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإذا أتاك ملكان يسألناك: من ربك؟ وما نبيك؟ وما دينك؟ .
إلى آخره، فيرى بعض الناس أن هذا من البدع، وينهى عن ذلك، وربما تخاصموا في المقبرة، في الموضع الذي تذرف فيه الدموع، والذي تخشع فيه القلوب، والذي هو موضع الموعظة والعبرة (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) فتجدهم يتخاصمون، ويتناكرون في أمر هل هو سنة أم بدعة؟ والسلف رضوان الله تعالى عليهم منهم من فعل هذا ومنهم من تركه، ويروون عن أحمد رحمه الله أنه مر على رجل يلقن إنساناً فقال: أسكتوه، ثم أدركه رجل وقال: إن شعبة قد فعل، وسفيان قد فعل وكذا، قال: اتركوه يقول ما يقول.
فالمسألة خلافية من سابق الأمر، وجاء في العموم أنه صلى الله عليه وسلم لما دفن الميت قال: (سلوا الله له الثبات؛ فإنه الآن يسأل) فهذه وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نسأل الله أن يثبته عند السؤال: اللهم ثبته، اللهم ارحمه، اللهم أفسح له في قبره، على ما سيأتي من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي سلمة عندما أغمض عينيه، ودعا له الدعوات الكريمات، وسواء فعل ذلك بعض السلف أو لم يفعلوه، وقد جاء عن عمرو بن العاص أنه طلب من أهله فقال: [إذا مت ودفنتموني فانتظروا عند قبري قدر ما تنحر الجزور وتقسم؛ فإني أستأنس بوجودكم عند سؤال الملكين] ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: (إن الميت ليسمع حفيف نعالكم) إذاً: هناك عمومات صريحة أن ندعو للميت بأن الله يثبته.
وبعض السلف أوصى أن ينتظر عند قبره بقدر قراءة سورة (يس) ، وسيأتي الكلام على قراءة (يس) .