((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) مقتضى الأمر ((اجعلوا)) للوجوب، لكن جاء من الأدلة ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، ولذا من أوتر في أول الليل، ثم تيسر له أن يقوم من آخر الليل، نقول له: خلاص أنت صليت الوتر ولا صلاة بعده، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه صلى بعد الوتر، نقول له: صل من الليل ما شئت، لكن مثنى مثنى، نعم من غلب على ظنه أنه يقوم من آخر الليل المستحب بالنسبة له أن يجعل آخر صلاته بالليل وتر للأمر الوارد في الحديث، لكن إذا غلب على ظنه أنه لا يستطيع القيام من آخر الليل أوتر في أوله، وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة -رضي الله عنه- أن يوتر قبل أن ينام، وعلى هذا كلٌ يعرف نفسه، ويعرف حاله، الذي يغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل يوتر من أول الليل؛ لئلا يفوته ما يحبه الله -جل وعلا-، فإذا أوتر في أول الليل ثم تيسر له أن انتبه يصلي مثنى مثنى، وقال بعضهم: يشفع وتره السابق، بمعنى أنه يفتتح صلاته بركعةٍ واحدة تشفع له الوتر السابق، ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بعد ذلك، فتكون الركعة التي ابتدأ بها صلاته شفعت وتره الأول، ويكون على هذا ختم صلاته وجعل آخر صلاته بالليل وتراً قيل بهذا، لكن الحديث الذي يليه حديث: ((لا وتران في ليلة)) هو من باب أولى لا أكثر من ذلك، فإذا شفع وتره بركعة ثم أوتر بآخر صلاته كم يكون أوتر؟ أوتر ثلاث أوتار، وجاء النفي ويراد به النهي لصلاة الوتر أكثر من مرة، مرتين فأكثر على ما سيأتي في الحديث الآخر.
المقصود أن الأمر هنا أمر إرشاد أن تختم الصلاة بالوتر صلاة الليل كما ختمت صلاة النهار بصلاة المغرب وهي وتر.
"وعن طلق بن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا وتران في ليلة)) رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان".