"فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) إذا صلى الأربع ثم الأربع واضطجع قبل أن يوتر، وسمع له الخطيط، ثم أوتر بعد ذلك لا ينتقض وضوؤه؛ لأن قلبه يقظ، وذكروا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أن نومه لا ينقض الوضوء.
"متفق عليه، وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة" والمراد بالسجدة هنا إيش؟ الركعة، وقلنا: إن في النصوص جاءت السجدة ويراد بها الركعة، ومثال ذلك ما جاء في الصحيح: ((من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) والسجدة إنما هي الركعة، يعني بهذا الحديث، كما أنه جاء إطلاق الركوع ويراد به السجود، كما في قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعاً} يعني ساجداً {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] يعني ساجداً.
"ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة" يعني المجموع، عشر وواحدة إحدى عشر، وركعتين ثلاث عشرة.
الحديث الذي يليه: "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" يعني أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي ثمان ركعات على الصفة المشروحة سابقة، "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطوله، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" ثم يوتر بخمس، فثبت أنه زاد على الإحدى عشر، وهي تقول -رضي الله عنها وأرضاها-: "ما زاد ... لا في رمضان ولا في غيره" وهنا وهو مخرج في صحيح مسلم، وإن قال الحافظ: إنه متفق عليه، لكن عزوه للبخاري وهم.
فثبت أنه زاد على الإحدى عشرة، فكونه صلى ثلاثة عشرة لا يعني أن لا يزيد الإنسان إلى خمسة عشرة، إلى سبعة عشرة، إلى تسعة عشرة، هو الذي يشكل في الباب كونه ما زاد "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة" هذا الذي يشكل، وهو الذي حمل بعضهم على أن يقول: الثلاثة عشرة بدعة، الخمسة عشرة بدعة، ما زاد على إحدى عشرة كله بدعة.