يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)) أخرجه أبو داود بسند لين" يعني فيه ضعف؛ لأن في إسناده عبيد الله بن عبد الله العتكي مضعف عند أهل العلم، وإن صححه الحاكم "وله شاهد ضعيف" أيضاً "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد" فالأصل لين والشاهد ضعيف، والحاكم وصححه على عادته في تساهله في ترقية مثل هذا الحديث بالشاهد المذكور، ويصححه مثل ابن حبان، وقبله الترمذي بالشاهد، فالسند اللين يعني ضعفه غير شديد، يمكن أن ينجبر، فإذا وجد له شاهد يقويه ولو كان ضعيفاً إن لم يكن الضعف شديداً فإنه حينئذٍ ينجبر، ولو قيل: بأن الحديث حسن لغيره لما بعد.
((الوتر حقٌ فمن لم يوتر فليس منا)) هذا من حيث الإسناد لو قيل: إنه حسنٌ لغيره ما بعد؛ لأن ضعف الأصل ليس بشديد، ووجد الجابر على القاعدة يمكن أن يرتقي، لكن متنه فيه ما فيه.
((الوتر حق)) مقبول، يعني ليس بباطل ((فمن لم يوتر فليس منا)) النكارة هنا ((من لم يوتر فليس منا)) والأدلة تدل على أن الوتر ليس بواجب، فلا يمكن أن يأتي ((من لم يوتر فليس منا)) مع أن الوتر ليس بواجب إلا إذا تجوزنا في العبارة قلنا: إن ((ليس منا)) ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا في هذه المسألة، في الوتر، يعني ترك سنتنا، وترك هدينا، وترك طريقتنا في الوتر، وهذا محمولٌ على الرجل الذي يترك الوتر بالكلية، ولذا يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "من ترك الوتر رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته" وهو محمولٌ على من تركه واستمر على تركه، لا أنه يوتر .. ، لا أنه تركه مرة أو مرتين هذا لا يؤثر؛ لأن الوتر عند الجمهور سنة.