هذه مشاكلة مجانسة، وباب المشاكلة والمجانسة معروف في علم البديع، له أمثلة كثيرة، وهنا لما خرج إليهم عمر ورأى هذا المنظر الذي أعجبه، وقد استند فيه إلى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يبتدع، فخشي -رضي الله عنه- أن يقال: ابتدعت يا عمر، كأنه قيل له: ابتدعت يا عمر، فقال: "نعمت البدعة" على سبيل المشاكلة والمجانسة في التعبير، وإلا فليست بدعة لا لغوية ولا شرعية.
وحينئذٍ من يتكلم في عمر -رضي الله عنه-، وقد أمرنا بالاقتداء به، وقد اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في فعل هذه الشعيرة، وقيام الليل جماعةً حتى في غير رمضان له أصل، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاها معه ابن عباس جماعة، صلى معه ابن مسعود، المقصود أن صلاة الليل مشروعة جماعات فرادى، أما ما يعامل به عمر -رضي الله عنه- بمثل أسلوب الصنعاني فلا شك أن هذا سوء أدب مع هذا الخليفة الراشد -رضي الله عنه وأرضاه-، "والبدعة مذمومة ولو كانت من عمر! " عمر يبتدع؟! ولا شك أن هذا من تأثير البيئة، فقد عاش الصنعاني ومثله الشوكاني في بيئة يغلب عليها التشيع، وإلا مثل هذا لا يصدر من عالم يقدر الصحابة قدرهم، وحصل منه بعض الشيء مع معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، ومع عثمان حينما أمر بالأذان الأول يوم الجمعة، المقصود أنه يحصل من هؤلاء، ومن الشوكاني حصل بعض الأشياء.
"وعن خارجة بن حذافة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم)) قلنا: وما هي يا رسول الله? قال: ((الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر)) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الحاكم.
وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن خارجة بن حذافة" العدوي، ولي القضاء بمصر لعمرو بن العاص، ولما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل علي -رضي الله عنه- ومعاوية وعمرو بن العاص، علي -رضي الله عنه- قتل، وعمرو بن العاص كلف خارجة بالصلاة عنه فقتل خارجة، ومعاوية تناوله من وكل به بالسيف فأصاب شيء منه ولم يقتل، في هذا يقول القائل:
وليتها إذ فدت -يعني المنية- ..