قد يقول قائل: إن الصلاة فرضت خمس في العدد وخمسين في الأجر في كتاب لا يبدل، هن خمسٌ عن خمسين لا يبدل القول لدي فكيف يخشى أن تفرض؟ أهل العلم لهم أجوبة عن هذا، لكن منها: أن خشية الفرض أن التطوع لا يصح إلا جماعة، يفرض عليهم التجميع في التطوع، لا أن الصلاة هذه تفرض عليهم فتزيد على الخمس المعروفة.
وعلى كل حال هذا الحاصل، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلوا وراءه في ليلة، ثم الليلة الثانية كذلك زاد العدد، ثم في الثالثة امتلأ المسجد ولم يخرج إليهم -عليه الصلاة والسلام-, وعلل بذلك "خشية أن تفرض عليهم" فتركه -عليه الصلاة والسلام- للصلاة جماعة في رمضان لا عدولاً عنها ولا نسخاً لها، ولذا لما أمن .. ، أمنت هذه الفرضية بوفاته -عليه الصلاة والسلام- جمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على إمامٍ واحد، جمعهم على إمام، خرج وهم يصلون أوزاعاً، كلٌ يصلي لنفسه فجمعهم على إمامٍ واحد، ثم خرج في ليلة وكأنه أعجبه صنيعهم، فقال -رضي الله عنه وأرضاه- كما في الصحيح: "نعمت البدعة هذه"، "نعمت البدعة هذه".
البدعة في الأصل: ما عمل على غير مثالٍ سابق، هذا الأصل في البدعة أنها مع عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع: ما أحدث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، عمر -رضي الله عنه- سمى صلاة التراويح بدعة، وهذا الكلام في الصحيح صحيح البخاري "نعمت البدعة هذه" الشارح -الصنعاني- تكلم بكلام لا يليق بأمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، ولا شك أن هذا من تأثير البيئة التي عاش فيها، وقال بعضهم: إنه لم يسلم من شوب التشيع، وله أكثر من موضع يسيء فيه مثل هذه الإساءة، والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر يقول مثل هذه، وليس في البدع ما يمدح، وكل بدعة ضلالة، نعم كل بدعة ضلالة، لكن مثل هذا يقال في الخليفة الراشد أمرنا بالاقتداء به؟! إذا قال مثل هذا في عمر -رضي الله عنه- في هذا العمل الذي له شرعية سبقت شرعيته من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فماذا يقول عن عثمان -رضي الله عنه- في أمره بالأذان الأول يوم الجمعة؟! وقد تكلموا فيه من سلك هذا المسلك بكلامٍ لا يليق بخيار الأمة وساداتها.