ذا لو صحت هذه القصة مشكلة، وبهذا نعرف أن الخطأ ممن ظاهره الصلاح لا سيما من يتصدى لإفادة الناس وإمامتهم وتعليمهم الخطأ منه ليس مثل الخطأ من غيره، (فمن يأمن القراء بعد يا شهر) يسيء الناس بمن هو على شاكلتك، إذا أخطأ إمام أو وقع في هفوة أو زلة أساء الناس الظن بالأئمة، إذا أخطأ مدرس أساء الناس الظن بالمدرسين وهكذا، والله المستعان.
عرفنا أن الحافظ إنما أورد هذا الحديث ليبين أن مأكول اللحم كالإبل في هذا الحديث طاهر؛ لأن لعابه طاهر، وأما البول فيخرج من هذا لعمومات استدلوا بها، لعمومات استدلوا بها، لكن الأدلة الصحيحة الصريحة تدل على طهارة أبوال ما يؤكل لحمه، ومن ذلكم حديث العرنيين، وأنه أمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأبوال الإبل وألبانها، فشربوا منها حتى صحوا، نعم.
"وعن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" متفق عليه.
ولمسلم: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه"
وفي لفظ له: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه".
نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- بألفاظه قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل" هذه الرواية لو كانت مجردة عن الروايات الأخرى لكانت حجة لمن يقول: بنجاسة المني، لكن الرواية التي تليها "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه" هذا يدل على طهارته، إذ لو كان نجساً لما كفى فركه، بل لا بد من غسله، ويدل له أيضاً الرواية التي تلي هذه الرواية، وفي لفظ له أي لمسلم: "لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه" -عليه الصلاة والسلام-.
فما دام يفرك ويحك بالظفر دل على أنه طاهر، أما كونه يغسل، فلأنه مما يستقذر كالبصاق والمخاط، يستقذر، يستقذره الرائي، فينبغي أن يزال، هو ليس بنجس لكنه مما ينبغي أن يزال؛ لأنه مستقذر، فإن أمكن فركه ولو من غير غسل، أو أمكن حكه إذا كان يابساً، ولو من غير غسل كفى، وإن لم يمكن ذلك إلا بغسله فالمستحب غسله؛ لأنه مما يستقذر وليس بنجس.