نعود إلى مسألتنا: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يستدل بهذا من يقول: إنه لا مانع من أن يزيد الشخص على ما جاء في النصوص من النوافل المحددة بالنصوص، الذي جاء في النصوص أربعين ركعة، النصوص المقيدة أربعين ركعة، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو في صدد رده على ابن المطهر الذي زعم أن علياً يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، قال: لو قلنا: إن الزيادة على الأربعين غير مشروعة لما بعد، لكن هذا الحديث يدل على أن الزيادة مطلوبة، حديث الباب يدل على أن الزيادة مطلوبة.
نعم جاءت الأربعين بالنصوص يعني محددة، الفرائض سبعة عشر ركعة، الوتر إحدى عشر، هذه ثمان وعشرين، الرواتب ثنتا عشرة هذه أربعون، هذه أربعون ركعة، لكن ألا يزاد أربع قبل العصر، وبين كل أذانين كل صلاة على ما سيأتي، يعني ليست حاصرة الأربعين، وفي الحديث: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصره به)) .. إلى آخر الحديث، فدل على أن الإكثار من العبادات مطلوب، لكن على ألا يعوق ما هو أهم منه، ما يجلس يتعبد يصلي الضحى ساعة ساعتين في وقت الدوام ويترك العمل المنوط به الواجب، لا، لكن صلاة ركعتين خفيفتين أثناء الدوام ما تعوق عن تحصيل العمل والمحافظة على السنة، ما تعوق -إن شاء الله-.
فالمسألة مسألة موازنة. . . . . . . . . ((وما تقرب إلى عبدي أحب إلي مما افترضته عليه)) الفرائض أهم، فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، ويكثر ما دام في وقت المهلة، فإذا كان ديدنه في حال السعة، في حال الإقامة، في حال الصحة، في حال الشباب، في حال القوة والقدرة الإكثار من التعبد، إذا عجز عن ذلك يكتب له ما كان يعمله، لا يفرط في وقت السعة ثم إذا عجز عن ذلك فيما بعد قال: ليتني أفعل، ليتني فعلت، ما ينفع، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، يكون لك نصيب من التعبد، من المكث في المسجد، المسجد بيت كل تقي.
وخير مقامٍ قمت فيه وحليةٍ ... تحليتها ذكرُ الإله بمسجدِ