الحديث هذا الذي معنا وهو مخرجٌ في مسلم يرد على من يخرج سجدات المفصل كالمالكية، فالسجود في المفصل مشروع كغيره من سجدات القرآن، وعرفنا أن سجود التلاوة سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو حنيفة، وهل هو صلاة يطلب له ويشترط له ما يشترط للصلوات أو لا؟ فيدخل في حديث: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ؟ )) يشترط له سترة؟ يشترط له استقبال؟ يفتتح بالتكبير يختتم بالتسليم؟ هذا قول معتبر عند أهل العلم.
لكن من أهل العلم يقول: إن السجدة المفردة ليست بصلاة، فلا يشترط لها ما يشترط للصلاة، وقد نقل الإمام البخاري عن ابن عمر أنه ينزل من راحلته فيقضي حاجته ثم يركب، فيقرأ القرآن ويسجد على غير طهارة، فدل على أن شروط الصلاة لا تشترط بالسجدة المفردة، وهل يسجد للتلاوة في أوقات النهي؟ الذي يقول: ليس بصلاة يقول: يسجد، يسجد في أوقات النهي؛ لأنه ليس بصلاة، فلا يشترط له ما يشترط للصلاة، ولا يمنع في أوقات النهي كما تمنع الصلاة؛ لأنه ليس بصلاة، لكن هاهنا دقيقة وهي أن الصلاة إنما منعت في أوقات النهي لماذا؟ لأن الكفار عند طلوع الشمس وعند غروبها يسجدون، فمنعنا من الصلاة؛ لئلا نسجد في هذا الوقت، فلماذا لا يمنع السجود في وقت النهي؟ يعني أجزاء الصلاة ليست بصلاة، أجزاء الصلاة ركعة مفردة ليست بصلاة، سجدة مفردة ليست بصلاة، قيام مفرد ليس .. ، تلاوة مفردة ليست .. ، تسبيح ليس بصلاة، تكبير مفرد ليس بصلاة، هذا قول الأكثر الذين يقولون: ليس بصلاة، بل قول كثير من أهل العلم.
أما الذين يقولون: إن السجود صلاة فمنعنا من الصلاة من أجل السجود لأنه مشابهة للكفار، فلا يسجد في وقت النهي، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الآن نسجد وإلا ما نسجد؟ الذين قرروا أن سجود التلاوة ليس بصلاة ما في مشكلة عندهم يسجدون، كما يقرؤون القرآن في وقت النهي وهو جزء من الصلاة، كما يقف الإنسان وهو جزء من الصلاة، هو لا يقصد صلاة بهذا، فليس بصلاة.