"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر, أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية, فإنها رجس"، متفق عليه".
"وعنه" عرفنا أنه جرت العادة من أنه في الحديث الثاني يأتي بحرف العطف، وعن فلان إذا كان الصحابي مختلفاً عن راوي الحديث الأول فيكني عنه ويذكره بالضمير، يعيد عليه الضمير إذا كان الصحابي واحداً.
"وعنه -رضي الله عنه- أنه قال: "لما كان يوم خيبر" يعني سنة سبع "أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى" أمر أبا طلحة فنادى: "إن الله "ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية" والأهلية تخرج الوحشية، فحمر الوحش حلال "فإنها رجس" هذه هي العلة؛ لأنها رجس، ولهذا أدخل الحافظ هذا الحديث في باب: إزالة النجاسة، ومعنى رجس: نجس عنده.
"إن الله ورسوله ينهيانكم" ينهيانكم بتثنية الضمير، والحديث في الصحيحين، ينهيانكم بتثنية الضمير، ضمير الله -سبحانه وتعالى-، وضمير النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتثنية الضمير جاءت في حديث الخطيب الذي قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى" الحديث مخرج في مسلم وأبي داود وأحمد والبيهقي والحاكم، وعند غيرهم من أهل العلم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بئس خطيب القوم أنت)) وأرشده إلى أن يقول: ((ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى)) بعدم الجمع بالضمير، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر أبا طلحة أن ينادي بهذا اللفظ: "إن الله ورسوله ينهيانكم" هل هذا هو اللفظ النبوي؟ أو هو من تصرف أبي طلحة؟ أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا طلحة فنادى، أمره أن يقول كذا فنادى، أن ينادي بكذا فنادى بكذا، ولو افترضنا أن هذا من لفظ أبي طلحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- وكل له الأمر باختيار الأسلوب المناسب لمخاطبة الناس فإنه لا يقره على هذا اللفظ لو لم يكن جائزاً، فهو حجة على الاحتمالين، إما من قوله -عليه الصلاة والسلام-، أو من إقراره لأبي طلحة.
وعلى كل حال هذا الحديث يعارض حديث الخطيب، وفي حديثٍ في الصحيحين أيضاً: ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) هذا فيه أيضاً تثنية.