والصارف والمخصص للحديث الثاني هو سبب الورود، والمقرر عند أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، بل نقلوا على ذلك الإجماع، وإن خالف نفرٌ يسير من أهل العلم، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إذاً كيف لجأنا إلى السبب وخصصنا الحديث به؟ لدفع التعارض الظاهر بين الحديثين، وأهل العلم يسلكون مثل هذا كثيراً من أجل دفع التعارض بين النصوص، فإذا صلى المستطيع الفرض من قعود نقول: صلاتك غير صحيحة، وإن صلى المستطيع النفل من قعود قلنا: صلاتك صحيحة، لكن ليس لك من الأجر إلى النصف، إذا صلى غير المستطيع الفريضة من قعود قلنا: صلاتك صحيحة وأجرك كامل، وإذا صلى النافلة غير المستطيع من قعود قلنا: صلاتك صحيحة وأجرك كامل، وفي سبب الورود ما يدل على أنهم كانوا مستطيعين، لما تجشموا القيام قاموا، فدل على أنهم كانوا مستطيعين القيام.

((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) من أركان الصلاة ما يؤدى حال القيام، ومنها ما يؤدى حال القعود، بعض الناس يستطيع القعود ولا يستطيع القيام، وبعض الناس بالعكس، يستطيع أن يصلي قائم ولا يستطيع أن يصلي قاعد، يمكن وإلا ما يمكن؟ إذا كان لا يستطيع القعود يمكن، فهل نقول: الذي لا يستطيع القعود مثل ما قلنا: الذي لا يستطيع القيام يقعد في موضع القيام، فالذي لا يستطيع القعود نقول: يقوم في موضع القعود مثله وإلا ما هو بمثله، شخص مصاب في دبره لا يستطيع القعود مثلاً، يقول: أنا لا أستطيع الصلاة إلى قائم أو مضطجع ماذا نقول له؟ الذي لا يستطيع القيام قلنا له: اجلس، صلِِّ قاعداً، نقول: يصلي على جنب لأن البديل عن القعود ((فإن لم تستطع فعلى جنب)) نقول: في موضع القيام تقوم لأنك مستطيع، في موضع القعود غير مستطيع على جنب وهو البديل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015