((أوصيك يا معاذ لا تدعن)) (لا) ناهية، أي لا تتركن هذا الذكر ((دبر كل صلاة)) كل صلاة، مثل ما قلنا: يحتمل أن يكون في آخر الشيء، وأن يكون منفصلاً عنه والاحتمال قائم، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقرر أن الأذكار بعد الصلاة، والدعاء يكون في آخرها، لكنه غير مطرد، هذا غير مطرد، جاء في بعض الأدعية أنها تقال بعد الصلاة، إذا انصرف من صلاته قال: ((ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك)) والصلاة أيضاً مشتملة على أذكار فليست بمطردة.
((لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول)) دبر كل صلاة، كل صلاة، (كل) من صيغ العموم فيشمل صلاة الفريضة والنافلة العامة والخاصة، الصلوات الخاصة، صلاة الجنازة صلاة، لا يمنع أن تدخل في هذا النص، صلاة الاستسقاء صلاة، صلاة العيد صلاة، الكسوف .. ، كلها صلوات، الرواتب، النوافل المطلقة تدخل في هذا الحديث، الفرائض من باب أولى.
((لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى .. ، لا بد من طلب الإعانة من الله -جل وعلا-، ولذا جاء في سورة الفاتحة التي تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] يعني نطلب العون، منك نستمد العون، فالإنسان إذا لم يعنه الله -جل وعلا-، إذا وكله على نفسه وكله إلى ضعف، لا يستطيع أن يصنع شيئاً.
((اللهم أعني على ذكرك)) يعني على مداومة الذكر، على مداومة الذكر ولزومه، وجاء في مداومته ولزومه والإكثار منه نصوص كثيرة، جاء في الترغيب فيه ما يدل على أن من يتركه محروم وأي حرمان، مما رتب على ذلك من أجور عظيمة على أعمالٍ يسيرة، سمعنا: ((سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) يعني لا يترك مثل هذا إلا شخص بين واضح الحرمان.