وأما ما يروى من حديث ابن عمر: أنه إذا رفع الإمام رأسه من السجدة وقعد، ثم أحدث قبل التسليم فقد تمت صلاته، الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، هذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعلم المسيء التسليم لا يعني عدم الوجوب؛ لأنه زيد على ما جاء في حديث المسيء واجبات غير السلام، بعضهم يستدل على هذا بقوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحج] وليس فيه سلام، نقول: أيضاً ليس فيه قيام ولا قراءة، ولا غير ذلك من أركان الصلاة وواجباتها، فلا يعني أنه ليس بواجب.
"وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) متفق عليه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة" دبر الشيء: عقبه وآخره، الدبر يحتمل أن يكون في آخر الشيء جزءٌ منه في آخره، ويحتمل أن يكون عقبه منفصلاً عنه، وجاء نصوص بهذا وبعض النصوص بهذا.
"كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة" بعد الفراغ منها ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) في الصحيح في بعض روايات البخاري: ثلاثاً، وفي بعضها: مرة واحدة، ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)) وفي بعض الروايات: ((ولا راد لما قضيت)) عند عبد بن حميد وغيره: ((ولا راد لما قضيت)) وهي صحيحة، زيادةً على ما هنا ((ولا ينفع ذا الجد منك الجد)).
((اللهم لا مانع لما أعطيت)) لو أن الناس كلهم اجتمعوا على أن يمنعوا أحداً من الخلق من شيء قد كتبه الله له لن يستطيعوا أن يمنعوه مما كتبه الله عليه، كما أنهم لو اجتمعوا على أن يعطوه ما لم يكتب له لن يستطيعوا، فالله -سبحانه وتعالى- هو المعطي، وهو المانع، وهو النافع، وهو الضار.