والصحابة -رضوان الله عليهم- يقولون: وأينا لم يظلم نفسه؟ لما نزل قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [(82) سورة الأنعام] {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم} لم يخلطوا إيمانهم {بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [(82) سورة الأنعام] أينا لم يظلم نفسه؟ جاء تفسير الظلم بالشرك {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] مقتضى القواعد {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} (بظلم) نكرة في سياق النفي تعم، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قصره على بعض أفراده {أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} والمراد بالأمن هنا الأمن المطلق، وإن كان لكلٍ نصيبه من الأمن والخوف بحسب ما يحققه من التوحيد والعدل، وما يتركه من ظلم، وإلا أي إنسان لم يظلم نفسه؟ ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكر ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) في رواية: ((كبيراً)) هذا اعتراف، والاعتراف بالذنب ضد الكبر والاستكبار، وبعض الناس قد يزكي نفسه شعر أو لم يشعر، فالاعتراف بأنه يظلم نفسه ظلماً كثيراً مظنة، بل هذه تقدمة لما يطلب، والاعتراف بالخطيئة سبب من أسباب العفو والتجاوز، هذا مشاهد في حياة الناس.
((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) وفي رواية: ((كبيراً)) يقول هذا أحياناً وأحياناً هذا، ولا يجمع بينهما؛ لأن المقول إما هذا أو هذا، فإذا قال أحياناً: كبيراً، وقال أحياناً: كثيراً، امتثل ما جاء في الروايات، لكن لا يجمع بينهما.