"قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك" يعني في قوله -جل وعلا- في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ومقتضى الأمر في الآية لا يخص الصلاة، بل هو مطلق غير مقيد بوقت ولا زمان ولا مكان ولا حال، كلما ذكر يصلى عليه -عليه الصلاة والسلام-، ويصلى عليه في مواطن جاءت الأدلة بها، ومنها الصلاة.
الأمر الصادر من الله -جل وعلا- في الصلاة على نبيه -عليه الصلاة والسلام- مطلق، والحديث خاص بالصلاة، ولذا أردف المؤلف -رحمه الله تعالى- رواية مسلم برواية ابن خزيمة "فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا" ولذا جاء تفسير الأمر بما يخص الصلاة، جاء تفسيره بالصلاة الإبراهيمية المعروفة، فقال: "أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت" وسكوته -عليه الصلاة والسلام- في هذا الموضع وفي مواضع حينما يسأل يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا تربية لمن يتولى إفتاء الناس ألا يستعجل بالجواب، النبي -عليه الصلاة والسلام- هو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، فإما أن يكون ينتظر الوحي -عليه الصلاة والسلام- بالجواب، أو يكون في هذا تربية لمن يقتدي به، ويتولى إفتاء الناس ألا يستعجل، ولذا تجدون في كثير ممن يستعجل في الجواب يتلقف الجواب قبل أن يكمله صاحبه أنه لا يحالفه الصواب، كثير هذا، يتلقف السؤال طرف السؤال ثم يجيب، قد يكون مقصود السائل غير هذا، وقد يكون السائل غير موجود إما بواسطة أو بشيء من هذا ولم يستفهم منه ولا يستثبت، فيأتي الجواب خلاف ما يريده.
فعلى من يتولى الإجابة على أسئلة الناس أن يتريث ويستفصل ويفهم السؤال على حقيقته من صاحبه إن أمكن، وإلا من الواسطة إن كان هناك واسطة، وإذا كان السؤال صاحبه غير موجود محتمل يتوقف حتى يستفصل.