ومنهم من يرى أن هذا خاص بالدعاء خارج الصلاة، أما في الصلاة فيقصر فيها على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن مواطن الدعاء داخل الصلاة في السجود مثلاً هل يثني على الله -عز وجل- ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- في السجود أو بين السجدتين؟ لم يقل بهذا أحدٌ من أهل العلم، هذا إما أن يكون في الصلاة في آخرها كما هو مقتضى صنيع المؤلف، أو يكون في الصلاة التي يراد بها الدعاء بمعناها الأعم، كما هو الأصل في الصلاة هي في اللغة: الدعاء.
"رأى رجلاً يدعو في صلاته" يدعو في دعائه، الصلاة هنا بمعناها الأعم التي هي مطلق الدعاء "ولم يحمد لله ولم يصلِ على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((عجل هذا)) " الإنسان لا بد أن يقدم بين يدي مسألته ما يكون أدعى لقبولها من تمجيد لله -عز وجل-، وتحميد وثناء، وصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يختم ذلك بالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- "فقال: ((عجل هذا)) ثم دعاه فقال: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) إذا صلى أحدكم يعني إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، وإن كان المراد الصلاة عموماً إذا صلى أي صلاة فمقتضى ذلك أن يبدأ بتحميد ربه بالفاتحة، والثناء عليه بما يتلوها من قراءة لأنها ذكر، بل أعظم الذكر، القراءة أعظم الذكر، والثناء هو تكرار المحامد وتثنيته، فالذي يظهر -والله أعلم- أن المراد بالصلاة هنا مطلق الدعاء ((إذا صلى أحدكم)) يعني إذا دعا أحدكم ((فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ} [(103) سورة التوبة] يعني: ادعُ لهم.
((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه)) لأن لو قلنا: إن المراد به الصلاة الشرعية المعروفة سوف يبدأ بالتحميد قطعاً بقراءة الفاتحة، وأما في التشهد كما هو مقتضى صنيع المؤلف فليس في التشهد حمد اللهم إلا إن كان إذا أراد أن يتخير من المسألة ما شاء بعد الدعاء بالأربع، بعد الاستعاذة بالله من أربع، يحمد الله ويثني عليه ويصلي على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن هذا فيه بعد؛ لأن الاستعاذة بالله -عز وجل- من أربع دعاء، فلتبدأ بذلك.