"وأشار بأصبعه السبابة" رواه مسلم، وفي رواية له: "وقبض أصابعه كلها، وأشار بالتي تلي الإبهام" وهي السبابة، "أشار" الإشارة تقتضي التحريك، الآن الإشارة تقتضي التحريك وإلا ما تقتضي؟ في حديث عند ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما: "أنه -صلى الله عليه وسلم- رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها" وجاء النفي للتحريك في بعض الروايات، ولذا يقول بعضهم: النفي منصبٌ على التحريك المستمر والإشارة الدائمة، التحريك المستمر، والإثبات محمولٌ على التحريك حال الدعاء أو حال الشهادة، يشير بها حال الدعاء، يحركها يدعو بها، وأيضاً يحركها ويشير بها في وقت الشهادة عند قوله: لا إله إلا الله، وعلى كل حال الأدلة في هذا جاء فيها ما يدل على تحريكها والإشارة بها، وجاء ما يدل على عدم تحريكها، والتوفيق بينها على ضوء ما سمعتم.
"يحركها يدعو بها" نص في أن الأصبع حال الدعاء تحرك، يدعى بها، والدليل على الإشارة حال ذكر لفظ الشهادة التي سمي بها الذكر كامل وهو التشهد ما أخرجه النسائي والترمذي بسندٍ يثبت بشواهده: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً يشهر بالأصبعين اليمنى واليسرى" هل منعه من الإشارة؟ أو منعه من الإشارة بالأصبعين كليهما حينما قال له: أحِّد أحِّد؟ يشير بأصبعيه، كونه ينهى عن الإشارة بالأصبعين ويؤمر التوحيد دليلٌ على أنه يشير بإحدى أصبعيه، فهذا دليلٌ على الإشارة وقت النطق بالشهادة، ووقت النطق بالأدعية "يحركها يدعو بها" ومع ذلك .. ، وما عدا ذلك فإنها لا تحرك لما جاء من عدم التحريك، ولا يستثنى من ذلك إلا ما استثني من الدعاء وما اقترن بلفظ الشهادة.
"وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: التفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وللنسائي: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد".
ولأحمد: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس".