نحن مأمورون بمخالفة الحيوانات، فإذا قدمنا اليدين قبل الركبتين بقوة أشبهنا البعير، ووقعنا في المنهي عنه، إذا وضعنا أيدينا قبل الركب مجرد وضع امتثلنا الأمر: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فالوضع غير البروك، الوضع شيء والبروك شيء آخر، وإذا أردنا أن نرجح فحديث أبي هريرة أرجح، وإذا أردنا أن نعمل بالحديثين ممكن، على رأي شيخ الإسلام أن المطلوب مجرد الوضع، مجرد الوضع برفق وطمأنينة وسكون يناسب الصلاة، سواءٌ قدمنا اليدين أو الركبتين لا فرق، فالمطلوب الوضع.
فهنا: ((وليضع يديه)) وهناك: ((وليضع ركبتيه)) فنكون على رأي شيخ الإسلام عملنا بالحديثين، هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام- وهذا من فعله، ولا تعارض بينهما من هذه الكيفية، وإذا أردنا أن نرجح قلنا: حديث أبي هريرة أرجح كما قال الحافظ -رحمه الله تعالى-.
ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أمر بمخالفة سائر الحيوانات في هيئات الصلاة، نهى عن التفات كالتفات الثعلب، نهى عن افتراش كافتراش السبع، الافتراش إلصاق الذراعين بالأرض، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، إقعاء كإقعاء الكلب، ونهى عن عقبة الشيطان، ونقرٍ كنقرِ الغراب، معروف الذي يسرع في صلاته كأنه ينقر، ورفع الأيدي عند السلام كأذناب خيلٍ شمس، تحريك الأيدي جاء النهي عنه، هي مجموعة في قول الناظم:
إذا نحن قمنا في الصلاة فإننا ... نهينا عن الإتيان فيها بستة
بروك بعيرٍ والتفاتٍ كثعلبٍ ... ونقر غرابٍ في سجود الفريضة
وإقعاءِ كلبٍ أو كبسط ذراعه ... وأذناب خيلٍ عند فعل التحية
وزاد الصنعاني بيتاً رابعاً ذكر فيه قوله:
وزدنا كتدبيح الحمار بمده ... لعنقٍ وتصويب رأسٍ بركعة
تخفيض الرأس، هذا تدبيح الحمار، لكن حديث التدبيح ضعيف، يكفي عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه.