نعم، نحتاج إلى أن نقول مثل ما قال ابن القيم: إن الحديث مقلوب، والأصل: "وليضع ركبتيه قبل يديه" ليتفق آخر الحديث مع أوله، وليتفق مع فعله -عليه الصلاة والسلام- في حديث وائل بن حجر: "أنه إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه"؟ أو نرجح بين الحديثين ونقول: حديث أبي هريرة أرجح وننظر في معناه؟
أولاً: ما ادعاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- من القلب ما قال به أحد غيره، العلماء الذين تتابعوا على روايته وصرح بعضهم بتصحيحه يخفى عليهم مثل ما قال ابن القيم، يمكن أن يخفى؟ لا يمكن أن يخفى.
إذاً كيف يقول: ((لا يبرك كما يبرك البعير وليضع)) اللام لام الأمر ((يديه قبل ركبتيه)) ننظر في معنى البروك، إيش معنى البروك؟ متى يقال برك؟ وكيف يبرك البعير؟ لا شك أن البعير يقدم يديه قبل ركبتيه، لكن بروك البعير لا يقال: برك البعير، بل من طبيعة البعير إذا برك أنه يثير الغبار ويفرق الحصى، فيكون نزوله على الأرض بقوة، برك البعير، وحصحص البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى يقال له: برك، فمن شابه البعير في نزوله على الأرض بهذه القوة بحيث يثير الغبار ويفرق الحصى فقد برك كما يبرك البعير، لكن بالإمكان أن يضع المصلي يديه قبل ركبتيه مجرد وضع، ترى فرق بين الوضع والبروك، فرقٌ بين الوضع والطرح والإلقاء، يعني الآن عندنا وضع المصحف على الأرض حرام وإلا حلال؟ تضع المصحف على الأرض؟ نعم حلال ما فيه شيء، لكن لو ألقيت المصحف رميته رمي؟ هو وصل إلى الأرض لكن فرق بين هذه الكيفية وهذه الكيفية، إذا سجدت على الأرض قدمت يديك على الأرض بقوة وأثرت الغبار وفرقت الحصى بركت، لكن بإمكانك أن تضع يديك قبل ركبتيك ولا توافق البعير مجرد وضع، ولذا قال: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فإذا وضع يديه مجرد وضع قبل ركبتيه فإنه حينئذٍ لا يشبه بروك البعير.