يصح الوضوء به، ولا أثر لاستعماله في الطهارة، ولا ينتقل من كونه طهور إلى كونه طاهر، وهذا قول المالكية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه الأدلة، أما القول بأنه ينتقل من كونه طهور إلى طاهر وحينئذٍ لا يرفع الحدث مرة ثانية وهو قول الأكثر، ويستدلون بأدلة مضى الكلام فيها وفي بسطها، ورتبوا على هذه أو على هذا القول مسائل، وضيقوا على أنفسهم وعلى غيرهم، ولذا تمنى الغزالي أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب الإمام مالك في أبواب المياه، وهو المناسب ليسر الشريعة، وهو المناسب لوضوحها، وإلا وجدت فروع ومسائل تتعلق بهذه المسألة هي إلى التكلف والتعنت أقرب منها إلى أن تكون مسائل مشروعة.
وظاهر السؤال هذا: إذا كان الماء قد استعمل في غسل وليس لرفع حديث هل يصح الوضوء بها؟ هذا واضح، وإعادة السؤال مرة ثانية لعله يريد أن الغسل المستحب هل يرفع الحديث؟ بمعنى أنه هل يغني عن الوضوء؟ يحتمل أن يكون هذا المراد، بدليل أنا أجبنا عنه سابقاً وأعاد السؤال مرة ثانية، فإن كان القصد الفهم الأول فأعدناه، وإن كان القصد الثاني فإذا كان الغسل مشروعاً يقولون: يجزئ، الغسل طهارة كبرى تدخل فيها الطهارة الصغرى إذا كانت مشروعة، ومنهم من يقول: إن الوضوء الواجب لا يدخل في الغسل المستحب، لا يدخل في الغسل المستحب، ولذا لا بد من الوضوء إلا إذا كان الغسل رافعاً للحدث، بمعنى أنه واجب يرفع حدث فإنه إذا ارتفع الحدث الأكبر تبعه الحدث الأصغر.
يقول: حديث: ((لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة وليغترفا جميعاً))؟
جاء النهي عن الوضوء وضوء الرجل بفضل المرأة، ووضوء المرأة بفضل الرجل، ولم يقل أحدٌ بأن الماء الذي يخلو به الرجل لا يرفع حدث المرأة، وإنما قال بعضهم بالعكس، إذا خلت المرأة لطهارة كاملة بالماء فإن هذا الماء لا يرفع حدث رجل وإن رفع حدث امرأة، والصواب أن المسألة واحدة، وقد جاءت في الخبر سيقت مساقاً واحداً، فإذا كان ما خل به الرجل يرفع حدث المرأة فما خلت به المرأة يرفع حدث الرجل، وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بفضل إحدى زوجاته -عليه الصلاة والسلام-.