مالك بن الحويرث صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وحفظ عنه، وضبط صلاته "رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي" والحديث في الصحيح "فإذا كان في وترٍ من صلاته" يعني بعد الفراغ من صلاة وتر، يعني الركعة الأولى والثالثة، إذا فرغ من الركعة الأولى وفرغ من الركعة الثالثة "لم ينهض" إلى الثانية والرابعة "حتى يستوي قاعداً".
وهذه الجلسة يسميها العلماء جلسة الاستراحة، والخلاف فيها بين أهل العلم طويل، والأكثر على عدم شرعيتها، وأنها مقرونة بالحاجة، وقد جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه إنما احتاج إليها في آخر عمره لما بدن، كما في بعض الروايات، لكن ليس في الصحيح ما يدل على ذلك، إنما الذي في الصحيح: أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي، فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً.
فهل تشرع جلسة الاستراحة مطلقاً؟ أو لا تشرع مطلقاً خاصة به؟ أو تشرع عند الحاجة إليها؟ ذهب إلى القول بشرعيتها الإمام الشافعي في قول، وذهب الجمهور إلى عدم القول بشرعيتها، وإن كان الخلال ذكر عن الإمام أحمد أنه رجع إلى القول بها، وهي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله، وجاءت في بعض طرق حديث المسيء، وهذا ذكره الرافعي، هذه الرواية ذكرها الرافعي، وذكرت أيضاً في بعض طرق حديث أبي حميد، والذي يعنينا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعلى هذا فالسنة الإتيان بها.
وأما كونها يؤتى بها عند الحاجة فهي جلسة، هل تفيد عند الحاجة؟ هل الأسهل للمصلي إذا سجد أن يعتدل قائماً ولا فاصل بينهما؟ أو يجلس ثم يعتدل قائماً؟ هل هذه الجلسة وإن سماها أهل العلم تريح المصلي أو زيادة عبء على المصلي؟ لذلك سموها جلسة الاستراحة، وهذه الجلسة لا تطابق، الجلسة أحياناً تعوق المصلي، ولا سيما عند الكبر، يعني كونه ينهض من السجود إلى القيام أسهل من كونه يتورك ويجلس ثم يقوم؛ لأنها ليست بجلسة بمعنى استراحة تجلس مدة طويلة، ترد النفس وترتاح، ليست على ما سميت به.