"وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) رواه مسلم".
البراء بن عازب بالتخفيف: البراء، وهذه هي الجادة في هذا الاسم، إلا نحو أبي معشر البرَّاء بالتشديد؛ لأنه يبري السهام، هذا "البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)) ضع كفيك يعني على الأرض وارفع مرفقيك؛ لأنك إذا لم ترفع مرفقيك افترشت افتراش السبع، وقد جاء النهي عن الافتراش، بل جاء النهي عن الافتراش على وجهين، على جهة التصريح به نطقاً، وجهة الأمر برفع المرفقين الذي يلزم منه عدم الافتراش، فيفهم من حديث الباب النهي عن الافتراش من باب المفهوم، ومنطوق حديث النهي عن الافتراش يفهم منه على جهة المفهوم رفع المرفقين، فالحديثان بمعنىً واحد.
((ضع كفيك)) امتثالاً للأمر الخاص بالكفين والداخل في عموم: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ومنها الكفان، وعرفنا المراد بالكفين، وهنا يقول: ((إذا سجدت فضع كفيك)) ضع ((وارفع مرفقيك)) يعني فلا تفترش، والحديث مخرج عند مسلم وأحمد والترمذي وغيرهم.
هذا بالنسبة للرجل يتجافى ويفرج ولا ينضم، وجاء بالنسبة للمرأة حديث في المراسيل عند أبي داود، ومعلوم أن الحديث المرسل صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف، والإرسال عندهم أعم من كون الحديث مرفوع من قبل التابعي، على ما استقر عند المتأخرين.
مرفوع تابعٍ على المشهورِ ... فمرسلٌ أو قيده بالكبيرِ
المراسيل تضم ما في أسانيدها خلل من انقطاع سواء كان ظاهر أو خفي.
في المراسيل لأبي داود عن زيد بن أبي حبيب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرّ على امرأتين تصليان فقال: ((إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)) والبيهقي يقوي من شأن هذا المرسل، ويقول: هذا المرسل أحسن من موصولين فيه، يعني من حديثين موصولين خرجهما البيهقي، ولا يعني كونه أفضل وأحسن أن يكون حسناً؛ لأن أفعل التفضيل عند أهل الحديث ليست على بابها، لا يستعملون أفعل التفضيل على بابها من كون الشيئين اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر.