الحديث لا يصل إلى درجة الحسن لذاته، فيه ضعف -أي حديث- وهذا الحديث الذي فيه ضعف ولا يصل إلى درجة الحسن لذاته له ما يشهد له في الصحيح، في البخاري أو مسلم أو هما معاً، هل يرتقي درجة واحدة؟ لأن الدرجة التي تلي درجة الضعيف المنجبر الحسن لغيره، نعم، أو يرقى درجات بحيث يصل إلى درجة الصحيح لغيره؟ هذه فائدة يحتاجها من يخرج الأحاديث، يشتغل بتخريج الأحاديث، بل إذا درس إسناد حديث ووجد فيه من الرواة من ضعفه منجبر، يقول: الحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأن في إسناده فلان بن فلان، وهو ضعيف، لكن يشهد له ما في صحيح البخاري من حديث فلان، إذن فالحديث حسن لغيره أو صحيح لغيره؟ المسألة خلافية، هل يرقى الحديث الضعيف بالجابر درجة أو درجتين؟ لو افترضنا أن شاهده في سنن أبي داود صحيح، نقول: صحيح وإلا حسن لغيره؟ هو صحيح بإسناد صحيح في سنن أبي داود، قد يقول قائل: لماذا أعتمد على هذا الحديث وأنا عندي حديث صحيح؟ نعم، أنت تعتني بكتاب بعينه، تخرج أحاديث كتاب، فأنت مطالب بالحكم على هذا الحديث الذي في هذا الكتاب، فأنت تحكم على حديث هذا الكتاب ثم تذكر ما يشهد له.
على كل حال المسألة خلافية، هل يرتقي الحديث بالشاهد الصحيح درجة واحدة أو درجتين؟ الأكثر على أنه لا يرقى إلا درجة واحدة، يكون حسن لغيره، ومنهم من يقول: ما المانع لا سيما إذا كان الشاهد في البخاري مثلاً أو مسلم أن نقول: الحديث صحيح؟ هو من حيث الصناعة الذي يغلب على الظن باعتبار أن راويه ضعيف، الذي يغلب على الظن ضعفه، لكن وجدنا ما يدعم الاحتمال الثاني وهو الصحة؛ لأن الضعيف قد يضبط، الضعيف قد يضبط، ولوروده في الصحيح عرفنا أن هذا الراوي الضعيف ضبط هذا الخبر، فنحكم عليه بالصحة، وإذا أراد الإنسان أن يخرج من هذا الخلاف كله يقول: الحديث بهذا الإسناد ضعيف، وقد صح الحديث من حديث فلان، أو وقد صح متنه من حديث فلان فيما رواه فلان وفلان، ويخرج من هذا الإشكال.
نعم حديث أبي ثعلبة.
"وعن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: "قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ " قال: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها)) متفق عليه.