بلوغ المرام - كتاب الصلاة (16)
تابع شرح: باب صفة الصلاة.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: مرّ معنا مراراً ذكر الإمام الدارقطني فهل من تعريف به؟
الدارقطني إمام من أئمة المسلمين، أشهر من أن يعرف، إمام مجتهد في هذا الباب، وقدوة له السنن أشهر من نارٍ على علم، لكن هذا الكتاب يجمع الصحيح والحسن والضعيف، وهو من أهل النقد وأهل التحري، وعلله بلغت الغاية في معرفة دقائق هذا الفن، حتى قال الحافظ ابن كثير وغيره: إنه لم يصنف مثله شيء يبهر العقل هذا الكتاب، ولا يعني هذا أن طالب العلم إذا سمع مثل هذا الكلام، وسمع الثناء الحافظ ابن كثير وغير الحافظ ابن كثير على علل الدارقطني أن يبدأ به؛ لأن هذا العلم أغمض أنواع علوم الحديث وأصعبها، فإذا بدأ به طالب العلم يُخشى عليه أن ينقطع ويترك، ونظير ذلك من يسمع مدح ابن القيم لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية (تعارض العقل والنقل) كثير من المتخصصين يقرأ في علل الدارقطني ولا يدرك ما مراد الإمام الدارقطني، كتاب: (العقل والنقل) لشيخ الإسلام شيء لا يخطر على بال.
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظيرٌ ثاني
لكن يسمع طالب العلم عن هذا الكتاب ويذهب يبادر فيشتري هذا الكتاب ويقرأ فيه فيفاجئ بترك للعلم وطلب العلم؛ لأنه سوف يطوي مائة الصفحة بالكامل ما فهم منها شيئاً البتة، ولذا كان كثير من الكبار من أهل التخصص في العقيدة، بل في كتب شيخ الإسلام من يأمر الطلاب بل كبار الطلاب وهم يقرؤون عليه أن يتجاوزوا كثير من البحوث في هذا الكتاب.
فالطالب عليه أن يتدرج في العلوم، يسمع كتاب يُمدح لا مانع أن يقتني هذا الكتاب إلى وقت الحاجة، لكن لا يقرأ في هذا الكتاب حتى يتأهل؛ لأنه يخشى عليه أن يترك طلب العلم، فعلل الدارقطني من هذا النوع، لا يستغني عنها من يعاني هذا الفن، لكن مبتدئ الطلبة عليهم أن لا يقرؤوا في مثل هذه الكتب التي تكون سبباً في صدهم عن متابعة الطلب.