والنهي الوارد عن استعمال جلود السباع والنمور لا لأنها نجسة إذا دبغت، لكونها جلود سباع تبقى طاهرة لكن استعمالها لا يجوز، ويبقى ما عداها إذا طهر جاز استعماله، وحينئذٍ يطهر ظاهراً وباطناً فيصلى فيه ويصلى عليه، من أهل العلم من يرى أنه لا يطهر إلا جلد مأكول اللحم إذا دبغ، وما عداه يبقى على نجاسته لا يمكن تطهيره؛ لأنه جاء في بعض الروايات: ((دباغ الأديم ذكاته)) أو ((ذكاة الأديم دباغه)) فجعلوا الدباغ بمنزلة الذكاة، والذكاة لا تحل إلا مأكول اللحم، فلا تحل الذكاة ما لا يؤكل لحمه، إذا ذكي الكلب يطهر وإلا ما يطهر؟ ما يطهر، والدباغ بمنزلة الذكاة فعلى هذا الذكاة والدباغ لا يحلان إلا ما كان مأكول اللحم، هذه حجة من يقول: إن الجلد إذا كان من مأكول اللحم فإنه يطهر بالدباغ، ويطهر ظاهراً وباطناً، يصلى فيه ويصلى عليه.
هذان قولان: إن الدباغ يطهر ظاهراً وباطناً جميع جلود الميتة سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، والقول الثاني: إنه يطهر ظاهراً وباطناً جلد مأكول اللحم فقط، وعرفنا حجته، من أهل العلم من يقول: إنه لا يطهر الجلد مطلقاً، بل يبقى نجس؛ لأن نجاسته عينية.
لو وقع كلب في ماء ومكث فيه سنين، يطهر وإلا ما يطهر؟ لا يطهر؛ لأن نجاسته عينية، فالنجاسة العينية لا تطهر، لا يمكن تطهيرها، ومنهم من يقول: يطهر الجلد ظاهراً لا باطناً، يطهر الجلد ظاهراً لا باطناً، وجه الجلد الخارجي يطهر، لكن باطنه لا يمكن تطهيره؛ لأن نجاسته عينية، وعلى هذا يفرعون على هذا أن الصلاة تصح عليه فيكون الحكم حينئذٍ كمن طين أرضاً نجسة أو فرش عليها فراش وبساط يمكن أن يصلي وإن كان الباطن نجس، لكن ما يصلي فيها، لماذا؟ نعم؛ لأنه يحمل نجاسة وهو في الصلاة؛ لأنه يحمل النجاسة وهو في الصلاة، وإن كانت مغلفة بطاهر لا يجوز حمل النجاسة في الصلاة ولو كانت مستورة.
من أهل العلم من يرى أن الدباغ لا أثر له في التطهير، ومنهم من يقول: إن جلد الميتة طاهر دبغ أو لم يدبغ.