"وكان إذا ركع -عليه الصلاة والسلام- لم يشخص" يشخص: يعني يرفع رأسه {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [(42) سورة إبراهيم] ترتفع الأبصار، والروح إذا خرجت شخص البصر، يعني تبع الروح، ارتفع البصر "لم يشخص رأسه" يعني لم يرفعه "ولم يصوبه" لم ينزل رأسه عن مستوى رأسه، فالتصويب: الإنزال والخفض، ومنه سمي المطر الصيب لأنه ينزل "ولم يصوبه" بل يستوي رأسه مع ظهره، وذكرنا صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- فيما سبق، وأنه جاء في وصفه في بعض الروايات: "أنه لو صب الماء على ظهره لاستقر" مستوي، خلافاً لما يفعله كثير من أهل الغفلة من الركوع بما يشبه القيام، أو من أهل زيادة الحرص والتحري مع الجهل بحيث يكون رأسه قريباً من ركبتيه، وهذا يوجد مع الجهل، حرص مع جهل، وذاك يوجد مع الغفلة والتساهل، وصنيعه -عليه الصلاة والسلام- وسط.
"وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك" يكون ركوعه بين ذلك، بين الأشخاص والتصويب فيكون مستوياً معتدلاً، إذا رفع من الركوع، رفع: قام من الركوع، لم يسجد حتى يستوي جالساً، بل يطمئن -عليه الصلاة والسلام- قائماً، كما جاء في أمره المسيء صلاته بذلك ((ثم ارفع حتى تطمئن رافعاً)) قائماً، خلافاً لما يفعله بعض من ينتسب إلى أبي حنيفة من عدم الطمأنينة، فتجده مجرد ما يرفع رأسه من الركوع يخر ساجداً، أين الطمأنينة المأمور بها؟ صلاته على هذه الهيئة باطلة؛ لأن الطمأنينة ركن، ونص عليها في حديث المسيء في جميع الأركان لأهميتها.
"وكان وإذا رفع من السجود لم يسجد حتى يستوي جالساً" ويقال فيه ما قيل في سابقه، "وكان يقول في كل ركعتين التحية" وكان يقول في كل ركعتين التحية والمراد بذلك التشهد المفتتح بالتحيات، كان يقول في كل .. ، يعني بعد كل ركعتين يقول التحية، فيتشهد بالتحيات لله .. إلى آخره، على ما سيأتي مما ورد من أنواع التشهدات، تشهد ابن مسعود، تشهد ابن عباس، تشهد عمر .. إلى آخره، المقصود أنه جاءت صيغ وألفاظ، وكل إمام من الأئمة اختار واحداً منها، وسيأتي الكلام فيها -إن شاء الله تعالى-.