أما حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أمرت بتشييد المساجد)) أخرجه أبو داود, وصححه ابن حبان" وعلقه البخاري موقوفاً على ابن عباس مجزوماً به، المقصود أن الحديث صحيح ((ما أمرت بتشييد المساجد)) المعنى العرفي للتشييد هو رفع البناء، المعنى العرفي الناس يقولون: شيد بناء يعني رفعه، لكن المقصود تزيينه بالشيد وهو الجص، وفي حكمه الألوان التي تستعمل في البنايات سواءً كانت المساجد وغير المساجد، فما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بتشييد المساجد لا برفعها، وقد كان مسجده -عليه الصلاة والسلام- باللبن والطين والجريد، وأعمدته من جذوع النخل، وارتفاعه تمسه اليد، هذا المسجد، يكن من الحر والقر، أما أن يجعل المسجد متحف كما هو واقع بعض مساجد المسلمين فهذا مما لم يؤمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، والحديث ظاهر في المنع من التشييد والرفع والزخرفة، ابن عباس يقول: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" وله حكم الرفع، وقد حصل، والسبب في ذلك أنها تشغل المصلي، تشغل المصلي، وتأخذ بلبه وقلبه وعقله عما هو بصدده من إقبال على ربه -عز وجل-.