الصوت إذا احتيج إليه في تعليم علم، أو تحفيظ قرآن، أو خطبة جمعة، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع صوته، يحمر وجهه -عليه الصلاة والسلام- حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، فرفع الصوت بالعلم لا بأس به، وإذا كان للعلم وطُلب له رفع الصوت للحاجة إليه استوى في ذلك المسجد وخارج المسجد، نعم.
"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك)) رواه النسائي والترمذي وحسنه".
إذا قلنا: نِسائي نسبة إلى إيش؟ إلى النساء، وإذا قلنا: نَسائي نسبة إلى بلدة، بلده يقال له: نَسا، وهو من نَسا، وإذا قلنا: نِسائي وقد عرف الإمام بذلك، الإمام النسائي -رحمة الله عليه- عرف بكثرة علاقته بالنساء، المقصود أن في ترجمته ما يدل على ذلك، وهو إمام على كل حال، والنسبة إلى البلد، النسبة إلى البلد فهو مفتوح النون.
"وعنه" أي أبي هريرة، تلاحظون وعنه وعنه وعنه بالنسبة لأبي هريرة ما لا نظير له عند غيره من الصحابة لأنه حافظ الأمة، حافظ الأمة، ولذا أعداء الإسلام إذا أرادوا أن ينتقدوا الدين بأسلوب غير مباشر، أو أرادوا أن يهدموا الدين بأسلوب غير مباشر طعنوا في أبي هريرة؛ لأنه يحمل نصف الدين، والعدو يعرف كيف يطعن؛ لأنه إذا طعن في الدين مباشرة لا تنطلي شبهته على السذج وأهل الغفلة، لكن إذا غلف هذا الطعن مشى على بعض الناس، تلاحظون وعنه وعنه كم حديث مر علينا وعنه؟ لا يوجد لغيره من الصحابة مثل هذه المزية، وقد دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- وبسط رداءه وما نسي، فهو أحفظ الصحابة على الإطلاق.