والمسلم في المسجد وهذا المسلم بقاؤه في المسجد من أجل أن ينصرف الدائن، هل يقال له: ادخل لتقاضي خصمك أو نقول: انتظر حتى يخرج؟ الأصل أنه نجس والنجس لا يقرب أماكن العبادات.
لكن الحديث يدل على أنه إذا كان هناك حاجة للمصلحة العامة لا مانع حينئذٍ، لو قبل أن يعلن إسلامه أراد شخصاً يشهر إسلامه على يديه وقيل: الشيخ فلان هذا جالس في المسجد لا مانع من أن يدخل، هذه مصلحة راجحة، ويقاس على هذا ما في معناه، كثير من الشركات عندهم عمال كفار في مسجد يحتاج إلى ترميم وصيانة هل يقال: هذه مصلحة يدخل الكافر يرمم المسجد أو يشغل بعض الآلات الدقيقة التي لا يستطيع المسلم تشغيلها؟ هذه مصلحة لكن شريطة ألا يوجد مسلم يقوم مقام هذا الكافر، والأمور تقدر بقدرها.
الحديث الذي يليه:
"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن عمر مر بحسان ينشد في المسجد فلحظ إليه, فقال: "قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك" متفق عليه".
"عنه" أي عن أبي هريرة راوي الحديث السابق "أن عمر -رضي الله عنه- مر بحسان" وعمر عرفت شدته في الحق وغيرته على الدين "مر بحسان وهو ينشد في المسجد" يعني حال كونه ينشد في المسجد "فلحظ إليه" نظر إليه نظر إنكار، فهم حسان -رضي الله عنه وأرضاه- "فقال: كنت أنشد -فيه- وفيه من هو خير منك" يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالشعر يجوز إنشاده في المسجد لفعل حسان بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء النهي عن تناشد الأشعار في المسجد عند أبي داود والنسائي وغيرهما، وهو حديث مقبول، يصل إلى درجة الحسن، لكنه محمول على الأشعار التي في ألفاظها ما فيه مما يقتضي المنع، أما الأشعار النافعة أو المباحة الألفاظ هذا لا بأس بها، يعني إذا كان المتن الذي يدرس في المسجد شعر، أراد شخص أن يشرح كتاب في علم من العلوم وهو نظم، في أي علم من العلوم هل نقول: نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن تناشد الأشعار؟ أو نقول: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك؟