يقول: "ولهما من حديث عائشة: ((كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً)) " وفيه: ((أولئك شرار الخلق)) ((أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) هؤلاء هم شرار الخلق، ولا شك أن المشرك بلغ الغاية في الشر، بلغ الغاية في الشر، والمنافق تحته في النار -نسأل الله العافية- في الدرك الأسفل من النار، فالكل شرار الخلق، والشرار فيهم الشرير وفيهم الأشر، ومراتبهم ومنازلهم متفاوتة، لكن يجمعهم أن الله -جل وعلا- لا يغفر لهم إذا ماتوا على شركهم {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] وبحث مسائل القبور وما يتعلق بها مستوفى في شروح كتاب التوحيد للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وفي شروح كتب السنة.
البيضاوي له كلام حول الحديث، وتوجيه غير وجيه ولا مقبول، فيقول البيضاوي: "لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها اتخذوها أوثاناً، لما كان أمرهم كذلك لعنهم ومنع المسلمين من ذلك .. " ثم قال: "وأما من اتخذ مسجداً في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه لا لتعظيم له، ولا لتوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد" الحديث عام، يشمل هذا وهذا، نعم عبادة الشخص المباشرة، وسؤاله الحاجات من دون الله -عز وجل- وهو في قبره شرك أكبر، لكن من قال: إن هذا المكان يعني لبس عليه الشيطان أن هذا المكان فيه هذا العبد الصالح، ودعا الله -جل وعلا- عند هذا القبر، أو قرأ القرآن عند هذا القبر، والمدعو والمتوجه إليه هو الله -عز وجل- أخف، لكن يبقى أن هذا أمره عظيم أيضاً؛ لأنه ذريعة للشرك، ذلك هو الشرك، وهذا وسيلة وذريعة إلى الشرك.
المسائل المتعلقة بالباب كثيرة، لكن شروح التوحيد كفيلة في بحث هذه المسائل بالتفصيل، نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خيلاً, فجاءت برجل, فربطوه بسارية من سواري المسجد" الحديث متفق عليه".