بلوغ المرام – كتاب الصلاة (10)
شرح: باب: المساجد
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلاة في باب المساجد:
"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق عليه، وزاد مسلم: ((والنصارى)).
ولهما: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ((كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً)) وفيه: ((أولئك شرار الخلق)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة" مر بنا مراراً أن الواو هذه تعطف محذوفاً تقديره: أروي أيضاً عن أبي هريرة "- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود)) " قاتل الله اليهود: يعني لعنهم، وهذا دعاء عليهم بالجملة، وعلى هذا يجوز الدعاء على طائفة بالجملة إذا استحقت هذا الدعاء، كما أنه يجوز الدعاء على قبيلة إذا استحقت هذا الدعاء، فقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على بعض القبائل، قاتل الله اليهود، والله -سبحانه وتعالى- أيضاً في كتابه لعن بعض الفرق.
((قاتل الله اليهود)) يعني لعنهم، وبعضهم يقول معنى قاتلهم: قتلهم وأهلكهم، والدعاء عليهم بالجملة لا معارضة له مع الأمر القدري؛ لأن من اليهود من أسلم، ومن القبائل التي دعا عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- من أسلم، فالدعاء على فئة أو على قبيلة أو على طائفة استحقت هذا الدعاء لا معارضة فيه للأمر القدري، بل الإنسان يدعو لنفسه، ويدعو لولده، ويدعو لمن شاء، ويدعو على من شاء، ولا راد لقضاء الله -عز وجل-.