حديث "أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التثاؤب من الشيطان)) " التثاؤب من الشيطان؛ لأنه دليل على الخمول والكسل والإخلاد إلى الراحة، وغير ذلك مما يعوق عن العبادة أو يثبط عنها، والتثبيط عن العبادة هي عادة الشيطان وديدنه، وينشأ هذا التثاؤب إما من الإفراط في الأكل، أو الإفراط في ترك النوم، وقد ينشأ عن الإفراط في كثرة النوم، المقصود أن المطلوب من المسلم الاعتدال، الاعتدال في الأكل الشرب، النوم، الكلام، النظر، جميع تصرفاته المطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً فيها، لا إفراط ولا تفريط، فلا يكثر من النوم بحيث تفوته مصالح دينه ودنياه، ولا يقلل من النوم بحيث يعود عليه ذلك بالضرر في دينه ودنياه، بل يتوسط في أموره، ولذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أن من سنته وهديه أنه ينام ويصلي، وما حفظ عنه أنه أحيا ليلة إلى الصباح، وإن كان في العشر الأواخر من رمضان يشد المئزر، ويعتزل الأهل، لكن إن قلنا: إنه في العشر الأواخر لا ينام كما قال بذلك جمع من أهل العلم، لا يعني هذا أن هذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، والناس في هذا الباب بين مفرط ومفرط، تجد بعض الناس تسرع إليه الشيخوخة والهرم والخرف كله بسبب تقليل النوم، تقليله عن الحد الأدنى، أو يصاب بالعاهات والأمراض بسبب كثرة النوم، فالمطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً في أموره كلها، ينام النوم الكافي ولا يزيد عليه، يأكل الأكل الذي يقيم صلبه ولا يزيد عليه، يشرب ما يحتاج إليه ويدفع به العطش ولا يزيد على ذلك، الكلام بقدر الحاجة، النظر بقدر الحاجة، وغير ذلك من التصرفات، وما يؤتى الإنسان، وما يبتلى بمرض القلب، أحياناً بموت القلب إلا من الفضول، فضول الطعام والشراب والنوم والنظر وغير ذلك، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يبالغ في تقليل الأكل الذي لا يكفيه بحيث لا يكفيه ما يأكله كما يفعله كثير ممن يزعم أنه من الخاصة، ممن ينتسب إلى الزهد والفقر، وليس الفقر المراد به الفقر العرفي، الفقر عندهم مرادف للزهد، قد ذكر الذهبي في السير عن بعضهم أنه يواصل أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب، بقدر ما حصل من المدة المضروبة بين موسى، ما ضربه الله -جل