حديث: "أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقع الذباب)) " وهو معروف أيضاً، يقول بعضهم: إن سبب تسميته هو أن أصل التسمية ذُبّ فآب يعني طرد فرجع، طرد فرجع، هذا وصفه باستمرار، يطرد فرجع صار ذباب، خففت إلى ذباب، وهو معروف لا يحتاج إلى مزيد بسط في سبب التسمية، وذكْر خواصه.
((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه)) هذا أمر شرعي واللام لام الأمر ((ثم لينزعه)) وهذا خلاف ما يقوله الأطباء، وأنه يحمل ملايين الجراثيم، نعم، يحمل ملايين الجراثيم، لا شك أن في جناحه -في أحد جناحيه- داء، ولتكن جراثيم، لكن علاج هذه الجراثيم في الجناح الآخر، وقول بعض أهل الترف:
إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه
هذا لو مسه الجوع ما فعل مثل هذا الفعل، والمسألة شرعية، قد يقول قائل وقد قيل ممن تكلم في الحديث من المتقدمين يقول: من أين للذباب العقل والفهم والتمييز بحيث يقدم الجناح الذي فيه الداء؟ وهل هذا مطرد؟ نقول: نعم مطرد، وكونه يعقل هو لا يعقل، لكن عند هذه المخلوقات -وإن كانت غير عاقلة- عندها من الملكات ما يحصل به تمييز ما ينفع وما يضر، بهيمة الأنعام إذا جرت إلى الذبح تنقاد وإلا ما تنقاد؟ لا تنقاد إلا بقوة، تقبل على ما ينفعها من أكل وشرب، وتهرب مما يضرها من سبع وجزار وما أشبه ذلك، فهذه قوى مدركة، فهذا الكلام الذي قاله بعضهم وما زال الكلام في حديث الذباب جاري من بعض من لا ينقاد للنصوص الشرعية إلا إذا عرضها على عقله فهذا خطر عظيم، كل نص وإن صح لا يقبله عقله لا بد أن يكون عنده فيه وقفة، لا شك أن مثل هذا يخشى عليه من الزيغ، يعني شخص يقول في حديث: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) والحديث في البخاري، يقول: الواقع يرد ذلك، تولت النساء فصرن أفضل من الرجال، وضرب مثل: إندي رغاندي وجولد مائير وتتشر، يعني هذا لو قاله عدو غير مسلم، ولا أتصور أن الوقاحة بالأعداء تصل إلى هذا الحد ليقولوا لنا مثل هذا الكلام، فكيف يقول هذا الكلام ممن ينتسب إلى العلم بل ينتسب إلى الدعوة، يرد حديث في صحيح البخاري لأن جولد مائير هزمت العرب رئيسة وزراء اليهود.