مشغولين ما في أحد حاضر البال، لكن قد يقول قائل: إن مثل هذا قد ينشأ من انشغاله بصلاته، ما هو بلما الإمام ولا مع الإمام بصدد صلاته، يتدبر ما يقرأ، يستحضر أثناء الذكر والدعاء، ومنشغل عن إمامه بصلاته، ولذا يقرر بعضهم عند قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(5) سورة الماعون] نعم يقول: إن الذي لا يخطئ في صلاته، الذي لا يخطئ في صلاته ليس بأكمل ممن يخطئ في صلاته، يزيد وينقص، يسهو في صلاته، لماذا؟ لأن هذا منشغل بإكمال ظاهرها، وذاك منشغل بتكميل حقيقتها وباطنها، ذكره المفسرون عند تفسير سورة الماعون، قالوا: الذي يسهو في صلاته أكمل من الذي لا يسهو، لكن المسألة تعود وترجع على السبب الباعث على هذا السهو، إن كان السبب الباعث على هذا السهو تدبر ما يقرأ والتفكر فيه لا شك أنه أكمل ممن يقرأ من غير تدبر ولا تفكر، وإذا كان السبب -سبب هذا السهو- هو الانشغال بأمور خارج الصلاة لا شك أنه أقل، فيكون السهو نعم لذاته جبلي، لا يذم ولا يمدح، إنما الأثر الذي يؤثر في وجود هذا السهو وعدمه هو الذي يمدح ويذم، السبب الذي نشأ عنه هذا السهو يمكن أن يمدح، ويمكن أن يذم.