يقول -رحمه الله تعالى-: "عن أبي جهيم -وهو- ابن الحارث" واسمه: عبد الله بن الحارث بن الصمة، وهو راوي حديث البول المعلق في صحيح مسلم، وهو موصول في صحيح البخاري، موصول في صحيح البخاري، ومعلق في صحيح مسلم، وقيل: هما اثنان، راوي حديث البول غير راوي حديث المرور بين يدي المصلي، وللتأكد من مثل هذا الاختلاف يراجع كتاب الخطيب البغدادي: (موضح أوهام الجمع والتفريق) وهو كتاب نافع في بابه يعتمد على أقوال من تقدمه ويرجح، هناك من الرواة أكثر من راوي يجزم أحد الأئمة أنهما واحد، أو أنهم واحد، ويجزم آخرون أنهم عدد، والكتاب محاكمة بين هذه الأقوال ولا يدعي العصمة والصواب، ولا تدعى له أنه مصيب في كل ما يقول، لا سيما وهو أنه يوازن بين أقوال كبار الأئمة، خلاف يقع بين أحمد والبخاري مثلاً، أو بين أبي حاتم وأبي زرعة ثم الخطيب يوازن بين هذه الأقوال من خلال الاستقراء والتتبع لمروياتهم.
"عن أبي جهيم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي)) ((لو يعلم المار بين يدي المصلي)) الجواب ((لكان أن يقف أربعين خيراً له)) ما الذي يدفع المار إلى المرور بين يدي المصلي؟ العجلة، العجلة كي يخرج بسرعة، لكن لو علم ما عليه من الإثم وإن كانت هذه اللفظة مما ينازع الحافظ في إثباتها "لكان أن يقف أربعين" ولو قدر أن هذه الأربعين على أقل تقدير دقيقة، أربعين دقيقة مثلاً، ساعة إلا ثلث، وهو لن يقف أكثر من خمس دقائق، هذا إذا لم يكن هناك مساغ ولا مندوحة له، فضلاً عن أن يقف أربعين ساعة، أو أربعين يوماً، أو أربعين خريفاً على ما جاء في بعض الروايات مما أشار إليه الحافظ، فالأمر عظيم، والناس يتساهلون في مثل هذا، تجده يمر بين يدي المصلي وقد يعلم ما ورد في ذلك وهذا أسوأ، وقد يذكر ما ورد في ذلك، وهو غير جاهل ولا غافل، وإلا قد يغفل الإنسان ولا يتذكر أنه مر بين يدي المصلي إلا إذا انتهى، مثل هذا أمره سهل، لكن مع العلم والعمد أمر جد خطير، عقوبته عظيمة ((لكان أن يقف أربعين خيراً له)).