المقصود أننا لا نستعجل في توهيم الأئمة؛ لأن المجد ابن تيمية -رحمه الله- وُهِّم في هذا، قيل: عزا التربيع لمسلم وهو لا يوجد في مسلم.
"ورواه الخمسة فذكره مربعاً" على كل حال ثبت التربيع في أذان أبي محذورة أو لم يثبت، ثبت التربيع في حديث عبد الله بن زيد أو لم يثبت، هل يؤثر أو لا يؤثر؟ هل هما حديث واحد نقول: هذا من اختلاف الرواة؟ أو هما حديثان ونقول: للأذان صيغ ويكون من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد؟ فمن أذن على أذان عبد الله بن زيد له ذلك، ومن أذن بأذان أبي محذورة له ذلك، كصيغ التشهد من تشهد بتشهد ابن مسعود له ذلك، من تشهد بتشهد ابن عباس له ذلك، تشهد عمر له ذلك، أدعية الاستفتاح، تنوع وليس بتضاد، بعض الصيغ المستعملة في الصلاة: "ربنا ولك الحمد" جاءت على أربع صيغ: "ربنا لك الحمد"، "ربنا ولك الحمد"، "اللهم ربنا لك الحمد"، "اللهم ربنا -بالواو- ولك الحمد" بالجمع بين اللهم والواو، وإن قال ابن القيم: إن البخاري لم يروِ الجمع، وقد رواه، روى الجمع، على كل حال هو كغيره ليس بمعصوم، فأذان أبي محذورة لا شك أن فيه شيء من الاختلاف عن أذان عبد الله بن زيد، وعرفنا أن من أذن على أذان أبي محذورة له ذلك، وهو مؤذن معتبر علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الأذان، ومكث أكثر من نصف قرن يؤذن في المسجد الحرام، مكة، وأذان عبد الله بن زيد أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يلقيه على بلال؛ لأنه أندى منه صوتاً، وأذن مدد متطاولة بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-.
المقصود أن هذا من اختلاف التنوع وليس من اختلاف التضاد، ولذا اختلف أهل العلم في الترجيع هل هو مشروع أو ليس بمشروع؟ من قال: إنه مشروع عمل بحديث أبي محذورة، ومن قال: ليس بمشروع عمل بحديث عبد الله بن زيد ليس فيه ترجيع، وأقول: لا هذا ولا ذاك، للمسلم -للمؤذن- أن يختار؛ لأن كلاً منهما ثابت، كما أن له أن يتشهد تشهد ابن مسعود كون الإمام أحمد يرجح تشهد ابن مسعود لا يعني إلغاء التشهدات الأخرى التي عمل بها الأئمة، بل لو قيل: باستعمال هذا مرة وهذا مرة كان أولى، كأدعية الاستفتاح.