وعندهما من حديث جابر: "والعشاء أحيانا يقدمها وأحيانا يؤخرها، إذا رآهم اجتمعوا عجل , يعني ينظر إلى أحوال المأمومين ويفعل الأرفق بهم، وهذا من شفقة النبي -عليه الصلاة والسلام- بأصحابه، وهو بالأمة رءوف رحيم، إذا رآهم اجتمعوا عجل صلاة العشاء رفقاً بهم؛ لأنهم أصحاب عمل في النهار كد، لتحصيل المعيشة، وإذا رآهم أبطئوا لأمر ما، لظرف من الظروف أخر , فهو يلاحظ حال الجماعة، فعلى الإمام أن يلاحظ أحوال من خلفه ويرفق بهم، نعم ظروف الناس اليوم قد تتطلب شيء من التحديد؛ لأن يقام للصلاة في وقت معين، وهو المعمول به الآن، يعني بين الآذان والإقامة كذا، وإلا لو ترك لاجتهادات الناس؛ لأن المساجد كثرت والأئمة كثروا، والناس أيضاً وظروفهم وأحوالهم تفرقت كانوا مجتمعين في مسجد واحد، يصلون خلف إمام واحد وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمكانه ملاحظة الجميع ومراعاة الجميع، أما الآن كل شخص من الأشخاص له ظرفه الخاص، فمن المصلحة يعني تحديد الوقت، لكن لو قدر أن إمام جماعته معروفون، محددون في قرية، في سفرة، لا يشق عليهم التأخير، ما المانع أن يؤخر صلاة العشاء مثلاً؟ هو وقتها لولا المشقة، لكن إذا وجدت المشقة فالسنة التعجيل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر.
"والصبح كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بغلس".
والمراد بالغلس اختلاط الظلمة، ظلمة آخر الليل بضوء الصبح فهو أول وقت، أول وقت صلاة الصبح الغلس، أول الفجر، هذا الأصل، لكنه ينصرف منها والرجل يعرف جليسه، والمساجد ليس فيها مصابيح، الآن لا فرق بين الليل والنهار، الله المستعان.