على كل حال من أهل العلم من يتوسط في الأمر ويقول: إنه بدأ من بنات آدم في الأول، لكنه شيء خفيف وزيد فيه بالنسبة لنساء بني إسرائيل، وبالمناسبة حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعائشة: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) إنما قال هذا الكلام يسليها، يسليها لما حاضت في حجة الوداع، وأسفت على ذلك أسفاً شديداً سلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا الكلام، ويستشكل بعض الطلاب صدور مثل هذا الكلام عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لإحدى زوجاته، وقد قال للأخرى لما عرف أنها حاضت: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) كيف يقول لواحدة مثل هذا الكلام المسلي اللين ويقول للأخرى يدعو عليها بهذا الكلام ((عقرى حلقى))؟! والجواب في هذا واضح: أن عائشة حيضها لا يترتب عليه حبسهم عن الرجوع، حيض عائشة لا يترتب عليها حبسهم؛ لأنها تطهر قبل رجوعهم، بينما الأخرى التي حاضت بعد الوقوف بعرفة حاضت، فلو لم تكن طافت طواف الإفاضة لترتب على ذلك حبسهم، على أن الدعاء قد يطلق ولا يراد به حقيقته، كما يقال: ترتب يداك، تربت يمينك وهكذا.
والأسئلة يؤجل بعضها إلى آخر الدرس -إن شاء الله تعالى-.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري وأبو داود واللفظ له.
وعن أنس -رضي الله عنه- "أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) رواه مسلم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأتزر, فيباشرني وأنا حائض" متفق عليه.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض- قال: ((يتصدق بدينار, أو نصف دينار)) رواه الخمسة, وصححه الحاكم وابن القطان, ورجح غيرهما وقفه.
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم?)) متفق عليه في حديث طويل.