حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) [أخرجه مسلم]، وللبخاري: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري, ثم يغتسل فيه))، ولمسلم: ((يغتسل منه))، ولأبي داود: ((ولا يغتسل فيه من الجنابة)).
((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم)): أي الراكد الساكن، وإن كان لفظ الدائم من الأضداد، لأنه يطلق الدائم على الساكن، ويطلق على المتحرك الدائر، جاء في كتب الأضداد: في رأسه دوام أي: دوران وحركة، اضطراب.
((وهو جنب)): هذه الجملة حالية، حال كونه جنب.
((لا يغتسل أحدكم)): ففي الحديث النهي والأصل في النهي التحريم، ((في الماء الدائم)) حال كونه جنباً.
ويستدل به من يرى أن الماء يتأثر إذا رفع به الحدث، وهو مقتضى قول من يفرق ويقسم المياه إلى ثلاثة أنواع: طهور، وطاهر، ونجس، طهور، وطاهر، ونجس، يقول: هذا الماء الذي رفع به الحدث انتقل من كونه طهوراً مطهراً إلى كونه طاهراً فقط، ليس بنجس، لكنه لا يرفع الحدث.
وعند الحنفية في قول لهم أنه ينجس، فالماء الذي يغتسل فيه الجنب نجس، والصحيح أنه طاهر مطهر، وأن استعماله لا يؤثر فيه، والنهي عن الاغتسال فيه؛ لئلا يقذره على غيره، لئلا يصرف الناس عن استعماله، لاغتساله فيه؛ لأن الناس إذا رأوا شخصاً انغمس في هذا الماء تركوه، وعلى هذا يفسده عليهم.
وللبخاري: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري, ثم يغتسل فيه)): ثم يغتسلُ، أو ثم يغتسلْ، أو ثم يغتسلَ، فقد ضبط بالرفع، والنصب، والجزم، أما الجزم فعطفاً على لا يبولن؛ لأن (لا) ناهية، يبولن: فعل مضارع مجزوم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، ثم يغتسلُ فعل مضارع هو وفاعله خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، ثم هو يغتسلُ، وأما النصب فعلى إضمار (أن) إلحاقاً لثم بالواو، إلحاقاً لثم بالواو، ومعروف أن (أن) تضمر بعد الواو وينصب بها الفعل.
((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري)): تحدد المراد من الدائم، وأن المراد به الساكن.